كَمَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ -[323]- وَهْبٍ، قَالَ: ثني عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا عُشَّانَةَ الْمَعَافِرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إنَّ أَوَّلَ ثُلَّةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَفُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، الَّذِينَ تُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهِ، إِذَا أُمِرُوا سَمِعُوا وَأَطَاعُوا وَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ حَاجَةٌ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ تُقْضَ حَتَّى يَمُوتَ وَهِيَ فِي صَدْرِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَدْعُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْجَنَّةَ، فَتَأْتِي بِزُخْرُفِهَا وَزِينَتِهَا، فَيَقُولُ: أَيْنَ عِبَادِيَ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِي وَقُتِلُوا، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي، وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِي؟ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَيَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ عَذَابٍ، وَلَا حِسَابٍ، وَتَأْتِي الْمَلَائِكَةُ فَيَسْجُدُونَ وَيَقُولُونَ: رَبَّنَا نَحْنُ نُسَبِّحُ لَكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَنُقَدِّسُ لَكَ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آثَرْتَهُمْ عَلَيْنَا؟ فَيَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ ثناؤُهُ: هَؤُلَاءِ عِبَادِي الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِي، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي، فَتَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24] " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} [آل عمران: 195] فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: «وَقَتَلُوا وَقُتِلُوا» بِالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ قَتَلُوا مِنْ قَتَلُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: (وَقَاتَلُوا وَقُتِّلُوا) بِتَشْدِيدِ قُتِّلُوا، بِمَعْنَى: أَنَّهُمْ قَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ، وَقَتَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بَعْضًا بَعْدَ بَعْضٍ وَقَتْلًا بَعْدَ قَتْلٍ، -[324]- وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} [آل عمران: 195] بِالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ قَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ وَقُتِلُوا، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ: (وَقُتِلُوا) بِالتَّخْفِيفِ (وَقَاتَلُوا) بِمَعْنَى: أَنَّ بَعْضَهُمْ قُتِلَ، وَقَاتَلَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ. وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ أَنْ أَعْدُوَهَا إِحْدَى هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ، وَهِيَ: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} [آل عمران: 195] بِالتَّخْفِيفِ، أَوْ (وَقُتِلُوا) بِالتَّخْفِيفِ (وَقَاتَلُوا) لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْمَنْقُولَةُ نَقْلَ وِرَاثَةٍ، وَمَا عَدَاهُمَا فَشَاذٌّ، وَبِأَيِّ هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنِّي لَا أَسْتَجِيزُ أَنْ أَعْدُوَهُمَا قَرَأَ قَارِئٌ فَمُصِيبٌ فِي ذَلِكَ الصَّوَابَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، لِاسْتِفَاضَةِ الْقِرَاءَةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي قُرَّاءِ الْإِسْلَامِ مَعَ اتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015