القول في تأويل قوله تعالى: فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب يعني بقوله جل ثناؤه: فالذين هاجروا قومهم من أهل الكفر وعشيرتهم في

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأَخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 195] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: فَالَّذِينَ هَاجَرُوا قَوْمَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَعَشِيرَتَهُمْ فِي اللَّهِ، إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ، وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ مِنْ دِيَارِهِمْ بِمَكَّةَ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي، يَعْنِي: وَأُوذُوا فِي طَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ، وَعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَذَلِكَ هُوَ سَبِيلُ اللَّهِ الَّتِي آذَى فِيهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَقُتِلُوا، يَعْنِي: وَقُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَاتَلُوا فِيهَا، لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ، يَعْنِي: لَأَمْحُوَنَّهَا عَنْهُمْ، وَلَأَتَفَضَّلَنَّ عَلَيْهِمْ بِعَفْوِي وَرَحْمَتِي، وَلَأَغْفِرَنَّهَا لَهُمْ، وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، ثَوَابًا، يَعْنِي: جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مَا عَمِلُوا وَأُبْلُوا فِي اللَّهِ وَفِي سَبِيلِهِ؛ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: يَعْنِي: مِنْ قِبَلِ اللَّهِ لَهُمْ؛ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ جَمِيعُ صُنُوفِهِ، وَذَلِكَ مَا لَا يَبْلُغُهُ وَصَفُ وَاصِفٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أَذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشْرٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015