ذلك من الفوائد المفيدة والنتائج السديدة.
ومن علوم القرآن: الأمر والنهي الموجه لهذه الأمة وغيرها، وهذا هو المقصود منهم، وفي معرفة ذلك عدة فوائد:
منها: أن الله تعالى حث على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، وذم من لم يعرف ذلك.
ومن أعظم ما يجب معرفة حدوده؛ الأوامر والنواهي التي كلفنا بها، وألزمنا بالقيام بها وتعلمها وتعليمها.
ولا سبيل إلى امتثالها، [أو اجتنابها،] (?) إلا بمعرفتها، ليتأتى فعلها [أو تركها] (?) وذلك أن المكلف إذا أمر بأمر، وجب عليه أولا معرفة ما هو الذي أمر به، وما يدخل به وما لا يدخل.
فإذا عرف ذلك استعان بالله، واجتهد في امتثاله بحسب القدرة والإمكان.
وكذلك إذا نهي عن أمر من الأمور، وجب عليه معرفة ذلك المنهي وحقيقته، ثم يبذل جهده مستعينا بربه على تركه، امتثالا لأمر الله، واجتنابا لنهيه، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، كل منهما واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فعرفت أن العلم بها قبل العمل، ومتقدم عليه.
ومنها: أن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يمكن حصولها وتحصيلها إلا بعد معرفة الخير ليدعو له، ومعرفة المعروف ليأمر به، ومعرفة المنكر لينهى عنه، والقرآن مشتمل على ذلك أعظم اشتمال، ومتضمن له أكمل تضمن.
ومن علوم القرآن أحوال اليوم الآخر، وهو ما يكون بعد الموت مما أخبر به الله في كتابه، أو أخبر به رسوله من أهوال الموت، والقبر والموقف، والجنة والنار، وفي العلم بذلك فوائد كثيرة:
منها: أن الإيمان باليوم الآخر، أحد أركان الإيمان الستة، التي لا يصح الإيمان بدونها، وكلما ازدادت معرفته بتفاصيله، ازداد إيمانه (?) .
ومنها: أن العلم بذلك (?) حقيقة المعرفة، يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذين إن خلا القلب منهما خرب كل الخراب، وإن عمر بهما أوجب له الخوف الانكفاف عن المعاصي، والرجاء تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة تفاصيل الأمور التي يخاف منها وتحذر؛ كأحوال القبر وشدته، وأحوال الموقف الهائلة، وصفات النار المفظعة.
وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، ونعيم القلب والروح والبدن، فيحدث بسبب ذلك الاشتياق الداعي للاجتهاد في السعي للمحبوب المطلوب، بكل ما يقدر عليه.
ومنها: أنه يعرف بذلك فضل الله وعدله، في المجازاة على الأعمال الصالحة، والسيئة، الموجب لكمال حمده والثناء عليه بما هو أهله.
وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله وعدله وحكمته.
ومن علوم القرآن: مجادلة المبطلين، ودفع شبه الظالمين، وإقامة البراهين العقلية الموافقة للأدلة النقلية.
وهذا الفن من علوم القرآن من خواص العلماء الربانيين، والجهابذة الراسخين، والعقلاء المستبصرين، وقد اشتمل القرآن من الأدلة العقلية، والقواطع البرهانية، ما لو جمع ما عند جميع