من الكفار، أو ينقلبوا بغيظهم، لم ينالوا خيرا، كما أرجعهم يوم الخندق، بعدما كانوا قد أتوا على حرد قادرين، أرجعهم الله بغيظهم خائبين.
{128} {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} لما أصيب -صلى الله عليه وسلم- يوم "أحد" وكسرت رباعيته، وشج في رأسه، جعل يقول: (كيف يفلح قوم، شجوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وبين أن الأمر كله لله، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس له من الأمر شيء، لأنه عبد من عبيد الله، والجميع تحت عبودية ربهم، مدبَّرون لا مدبِّرون.
وهؤلاء الذين دعوت عليهم، أيها الرسول، أو استبعدت فلاحهم وهدايتهم، إن شاء الله تاب عليهم، ووفقهم للدخول في الإسلام، وقد فعل، فإن أكثر أولئك هداهم الله فأسلموا. وإن شاء عذبهم، فإنهم ظالمون، مستحقون لعقوبات الله وعذابه.
{129} {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يخبر تعالى، أنه هو المتصرف في العالم العلوي والسفلي، وأنه يتوب على من يشاء، فيغفر له، ويخذل من يشاء، فيعذبه.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فمن صفته اللازمة، كمال المغفرة والرحمة، ووجود مقتضياتهما في الخلق والأمر، يغفر للتائبين، ويرحم من قام بالأسباب الموجبة للرحمة، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
تم الجزء المجلد الأول من تيسير الرحيم الرحمن في تفسير القرآن بخط مؤلفه عبد الرحمن الناصر بن سعدي 9 ربيع أول 1343 غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ويليه المجلد الثاني أوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا}