تفسير قوله تعالى: (عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون)

(سبحان الله): أي تنزيهاً لله وتقديساً لله سبحانه وتعالى عما يصفونه به من هذه الأوصاف البشعة القبيحة قال تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون:92]، أي: أن الله هو عالم الغيب والشهادة، فمن أسمائه الحسنى عالم الغيب، ومن أسمائه علام الغيوب سبحانه وتعالى.

وهنا جاء الوصف مجروراً باعتبار أن لفظ الجلالة مجرور، وفي هذه الآية قراءات: {عَالِمِ الْغَيْبِ}، فقرأ بالكسر ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وحفص عن عاصم: (عالمِ الغيب)، وأما باقي القراء فيقرءونها بالرفع: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}، على اعتبار الابتداء أي: هو عالم الغيب والشهادة سبحانه تبارك وتعالى، كأنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو عالم الغيب والشهادة.

وقرأها رويس بالقراءتين، ولكن على اعتبار الوصل والوقف، فإذا وصل قرأها بالجر على أنها وصف لما قبلها أو أنها بدل مما قبلها، وإذا وقف قرأها بالرفع، فيقول: (سبحان الله عما يصفون) ويبدأ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

فالله يعلم الغيب ويعلم الشهادة، وقدم هنا الغيب على الشهادة لاستواء العلمين عنده سبحانه، لكن المخلوق ما يغيب عنه لا يعرفه، والشيء الذي يشاهده هو الذي يعرفه، سواء شاهده أمامه بنظره، أو شاهده من بعيد بشيء يجعله يرى هذا الشيء البعيد.

أما الله عز وجل فالكل عنده سواء مهما أخفى المخلوق فالله عز وجل يعلم السر، ويعلم ما هو أخفى من السر، فهو عالم الغيب وعالم الشهادة.

قال تعالى: {َتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، أي: تمجد وتنزه وتقدس سبحانه وتعالى عما يقوله هؤلاء بأكاذيبهم من أنه اتخذ الصاحبة والولد، واتخذ الشريك سبحانه وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015