يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً) نهى أن يجعل القبر عيداً من العادة والاعتياد على الشيء، كأن الإنسان يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيجتمع الناس حوله للجلوس حول القبر للدعاء هنالك، وبذلك يعظم الناس القبر فيرجعون لأمر الجاهلية من تعظيم للقبور ومن تعظيم للأحجار وغير ذلك، فقال: (لا تجعلوا قبري عيداً)، فإذا كان هذا قبره صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (لا تجعلوا قبري عيداً) فكيف بقبر غيره؟! والناس في هذا الزمان يعملون الموالد للقبور، كمولد أبي العباس، ومولد البدوي، ومولد كذا ومولد كذا، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجعل قبره عيداً عليه الصلاة والسلام، فقال: (لا تجعلوا قبري عيداً) فغيره محظور عليه ذلك من باب أولى.
قال: (وصلوا علي) أي: أكثروا من الصلاة علي.
إذاً: ينبغي للإنسان أن لا ينشغل بأمر القبر، ولا يتوجه لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو: يا رب يا رب، فإن هذا غير جائز، ولكن إذا أراد أن يدعو يتوجه إلى القبلة ويدعو ربه سبحانه وتعالى، ولا يسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات وإنما يسأل الله عز وجل الحي الذي لا يموت.
قال: (وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).
إذاً: لا تنشغل بأن تذهب إلى قبره صلى الله عليه وسلم حتى تصلي عليه، ولكن في أي مكان أنت فيه صل عليه فصلاتك تبلغه، وليس المعنى: أنه لا يذهب إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، بل الزيارة مشروعة لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال إليه، فيذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه، فإذا أراد أن يدعو توجه إلى القبلة وليس إلى القبر.
كذلك حديث رواه ابن ماجة عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما صلى علي) وهذه فضيلة أخرى؛ أنه مهما كنت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فالملائكة تصلي عليك وتدعو لك.
قال: (فليقل العبد من ذلك أو ليكثر) أي: إذا أردت أن تُقِلَّ فأقل، وإذا أردت أن تكثر فأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.