والقرآن كتاب الله أعظم ذكر، وخير جليس لا يمل حديثه، والإنسان الذي يجالس القرآن لا يمل أبداً من ذكر الله سبحانه، ومن تلاوة كتابه الذي فيه نبأ من قبلنا وخبر ما بعدنا، وفيه قصص يقصها الله سبحانه وتعالى علينا؛ لتكون لنا عبرة وذكرى، وفيه أحكام الله سبحانه، وفيه ذكر الجنة، وذكر النار، وذكر الأنبياء، وصبرهم عليهم الصلاة والسلام، وفيه شريعة الله تبارك وتعالى، والحرف منه بعشر حسنات، ويضاعف الله لمن يشاء من فضله سبحانه.
فهذا القرآن العظيم لا يمل الإنسان من ترداده، ومن ذكره، ومن قراءته ومن سماعه، فهنا يأمرنا الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب:41] أي: تذكره بكل وجه من وجوه ذكر الله تبارك وتعالى، فإذا كنت في الصلاة فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر.
ونحن نعلم أن الله فرض خمس صلوات في اليوم والليلة، تنهى الإنسان عن الفحشاء والمنكر، ولكن ذكر الله يكون في الصلاة وفي غير الصلاة، فهو يستوعب اليوم كله، فالذاكر ربه سبحانه مستحيل أن يترك الصلاة، فهو عندما يصلي يذكر الله، وعندما يخرج من الصلاة فيختم صلاته يذكر الله، وعندما يخرج من بيته إلى الطريق يذكر الله، وعندما يدخل بيته يذكر الله، وعندما يقوم أو ينام، يذكر الله سبحانه، فهو لا يمل من ذكر الله، بل يستمتع ويستعذب ذكر الله سبحانه وتعالى، يستعذب ذكر الله حين يأكل ويشرب، وحين ينام أو يستيقظ من نومه، وحين يذهب إلى السوق، وحين يقضي حاجته، وحين يلقى أخاه المسلم فيسأله عن حاله مع ربه سبحانه، فالإنسان المؤمن ذاكر لله أبداً، وهو مستمتع بذلك.