والله سبحانه يذكر ذاكره، قال الله سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه، ومن ذكر الله في ملأ ذكره الله في ملأ خير منه) فتذكر الله سبحانه في نفسك كي يذكرك، ولا ينسى ربك أحداً، وتذكر الله إذا كنت في ملأ، كأن تكون في حديث مع قوم فتقول: تعالوا نذكر الله عز وجل، ونتدارس آيات من كتابه، أو تعالوا نتكلم عن أمر من أمور ديننا، نتفقه فيه، فإذا ذكرت الله في مجموعة ذكرك الله عز وجل في ملأ من الملائكة خير من الذين أنت فيهم، وكلما زادت الجماعة زاد الله عز وجل من خيره ومن فضله.
وإذا تذكرت الله فإنه يعصمك سبحانه وتعالى، فالذي يكثر من ذكر الله، وسؤاله، ودعائه في السراء وفي الرخاء، هذا جدير أن يستجيب الله له في وقت البلاء والضراء؛ لأنه اعتاد أن يذكر الله، فهو لا يذكر الله في وقت البلاء فقط، بل هو في وقت الرخاء ذاكر لله، ومستأنس بذكره، فهو متشبه بأهل الجنة، فهم يستعذبون بالتسبيح والتحميد وذكر الله، ويلهمون ذلك كما يلهم الإنسان النفس، انظر إلى نفسك الذي يتردد في داخلك، فأنت تستمتع بأنك تتنفس، وانظر حينما يصيبك زكام وأنفك ينسد كيف يكون حالك؟ فأهل الجنة يلهمون ذكر الله، ويلهمون التسبيح والتحميد كما نلهم نحن في الدنيا النفس، حيث إن النفس يتردد، ويمكن أنك لا تنتبه للنفس الذي يخرج ويدخل إلا عندما يكتم عنك النفس.
فأنت مستمتع بأن تشم رائحة طيبة، وتستمتع بالنفس الذي يملأ صدرك، كذلك أهل الجنة يستمتعون بذكر الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن في الدنيا يتشبه بأهل الجنة، وقد قال الله النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن تشبه بقوم فهو منهم)، أي: وهو معهم، فذاكر الله يتشبه بأهل الجنة في الإكثار من ذكر الله سبحانه: مسبحاً، حامدا، مهللاً، مكبراً، فيذكر الله فيقرأ القرآن، ويذكره فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويذكره في كل حال.