الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب:41 - 44].
يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين في هذه الآيات بأن يكثروا من ذكر الله سبحانه وتعالى، وقد ذكر الله فيما سبق من الآيات عشر صفات للمؤمنين والمؤمنات بدأها بقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب:35] وانتهى بأعلى الدرجات فقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35].
فكلما ازداد الإنسان ذكراً لله، ازداد قرباً من الله سبحانه، فإذا كان ذكر الإنسان ربه قليلاً ابتعد شيئاً فشيئاً حتى ينسى الذكر وحتى يأتيه الشيطان فيتسلط عليه.
إن ذكر الله يطرد الشيطان، وذكر الله عز وجل يجعل الإنسان يخاف من الله، فيخاف من المعاصي، فإذا وقع في معصية سارع وبادر إلى التوبة إلى الله سبحانه.
وإذا أراد أن يقع في فاحشة ذكر الله فاستغفر، وتاب، ورجع، وأناب، وامتنع من الوقوع في المعصية، وفيما يغضب الله سبحانه وتعالى.
وقد أمرنا الله سبحانه بذكره كثيرا، فذكر الله سبحانه هو الأنيس للإنسان المؤمن، فلا يجعله يستوحش أبدا ما دام مع الله سبحانه وتعالى.
فالإنسان الذي يركن إلى الناس، ويستأنس بهم، سرعان ما يفارقونه، لسبب أو لغير سبب، فيستوحش، أما الذي يأنس إلى الله سبحانه وتعالى فلا يهتم لذلك، سواء كان الناس كثيرين معه أو كانوا قليلين، فهو لا يهتم لأمر الناس، إنما يهتم لأمر دينه ولأمر ربه سبحانه.