ومن الآيات: خروج الدابة وكلامها للناس، فيا ترى ما هي هذه الدابة؟ لم يوضح لنا في هذه الآية، إلا أنها دابة تخرج وتكلم الناس، فتكون آية من آيات الله سبحانه وتعالى، وهي آية عظيمة، ستكلم الناس بماذا؟ {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:82].
فإذا كذب الناس بآيات الله سبحانه وتعالى كذبوا بالقرآن، وكذبوا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكذبوا بالأحكام الشرعية، فتخرج عليهم هذه الآية وتكلمهم كأنها تأتي لعقاب من يشاء الله سبحانه؛ بسبب أنهم كانوا لا يؤمنون بآيات الله سبحانه.
هذه الدابة تأتي فتختم الناس على وجوههم، المؤمن تختم عليه بأنه مؤمن، والكافر تختم عليه بأنه كافر، ولا يستطيع إنسان أن يهرب منها ولا يقدر أن يهرب منها.
هذه الدابة تخرج على الناس وتكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.
وقد جاء في الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قال: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها)، أي: ثلاث من أكبر وأعظم الآيات، إذا خرجت هذه الآيات لا ينفع بعدها الإيمان، فهذه الآيات الثلاث يقول فيها صلى الله عليه وسلم: (لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض)، وكأن الدابة من آخر ما يكون، وأما الدجال: فإنه يخرج على الناس كما جاء في حديث طويل للنبي صلى الله عليه وسلم ويزعم أنه إله، ويتبعه اليهود والمنافقون، ويتبعه من شاء الله سبحانه، وينزل المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فيقتل الدجال، ويعم العدل بعد ذلك في الأرض، فإذا عم العدل بعد ذلك أخذ القرآن من الناس على ما يشاء الله سبحانه وتعالى، ثم تخرج هذه الدابة تكلم الناس، وتطبع على هذا بأنه كافر وعلى هذا بأنه مؤمن، حتى إن الناس ليصبحون يتكلمون بذلك، المؤمن يقول للكافر: يا كافر! بعني كذا وكذا، والكافر يقول للمؤمن: يا مؤمن! بعني كذا وكذا، عندها يعرف كل شخص، الكافر يعرف أنه كافر فلا ينفعه إيمانه، والآخر يعرف أنه مؤمن، والله عز وجل يحفظه بإيمانه.
وفي حديث يرويه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي أمامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم)، قوله: (فتسم): من الوسم، وهو: العلامة، وخراطيم الناس هي الأنوف، بمعنى: الأنف، يعني: فتسم على الجبهة وتسم على أنف الإنسان وتضع علامة عليه، قال: (ثم يعمرون فيكم) يعني: يظلوا على هذه الحال، هذا مكتوب على جبينه أنه مؤمن، وذاك مكتوب عليه أنه كافر، ويبقون فترة، قال: (ثم يعمرون فيكم، حتى يشتري الرجل البعير، فيقال: ممن اشتريته؟ فيقول: من أحد المخطمين)، يعني: المكتوب على خطمه أنه كافر أو أنه مؤمن.