جاء في حديث رواه ابن ماجة عن ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب).
قوله: (يدرس) من درس الشيء بمعنى: قدم وبلي وخلق وانمحى وزال، وهنا: يدرس القرآن بمعنى: ينمحي، مثل الثوب، فالثوب يكون جديداً ويكون لونه ظاهراً جيداً، فتأتي عليه الشمس تحيله إلى شيء آخر ويصير خلقاً بالياً قديماً، ثم يتمزق فهنا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن الإسلام سيأتي عليه زمان يكون هذا حاله، يدرس كما يدرس وشي الثوب، حينها تقوم الساعة على هؤلاء الذين يدرس عليهم الإسلام، ولا يكون ذلك إلا في نهاية الزمان، بعد أن ينزل المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ويعم العدل في الأرض ويحكم بالإسلام، ولا يبقى بيت حجر ولا مدر إلا ودخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله عز وجل به الإسلام، وذلاً يذل الله عز وجل به الكفر وأهله.
بعد ذلك يرجع الناس مرة ثانية إلى أخلاقهم السيئة، ثم يكونون شرار الخلق، ثم تقوم الساعة على هؤلاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها)، يعني: يصل الأمر أنهم لا يعرفون أي شيء عن الإسلام، إلا أن العجائز والشيوخ الكبار يذكرون كلمة لا إله إلا الله فقط، لا ما يعرفون شيئاً آخر غير هذه الكلمة.
قال أحد الرواة واسمه صلة، قال: (ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟) -يعني: إذا كان وصل الأمر أنهم لا يعرفوا شيئاً عن الدين، فماذا تغني عنهم لا إله إلا الله؟! (فأعرض عنه حذيفة - وكأن سؤاله ليس له وجه- فكرر عليه السؤال ثانياً وثالثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة! تنجيهم من النار، يا صلة! تنجيهم من النار، تنجيهم من النار).
فأخبر أنهم معذورون في هذا الحين، لأنه رفع منهم القرآن، وأخذ منهم العلم، ولم يبق معهم علماء، فتمسكوا بآخر شيء عندهم كلمة لا إله إلا الله، فهم لا يعرفون غيرها، فتنفعهم هذه الكلمة، وتنجيهم من النار.
يقول الله سبحانه: ((وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ)) يعني: استحقوا غضب الله واستحقوا عذاب الله سبحانه وتعالى، الذي قال فيه: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:13]، فإذا وجب عليهم هذا القول بكونهم شراراً، إذا بالله يخرج لهم آية من الآيات الكبرى للساعة، والساعة قبلها علامات وآيات، وقد عدها النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات تكون قبل قيام الساعة، من هذه الآيات طلوع الشمس من مغربها، ومن هذه الآيات خروج المسيح الدجال، ونزول المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ليحكم بين الناس بالإسلام، وقيل: المسيح الدجال.
ومن هذه الآيات التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم.
ومنها أيضاً: ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وهكذا.