وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمَّاكٍ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (?) : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قال أنبئت أَنَّ كَعْبًا قَالَ إِنَّ قَوْلَهُ: يَا أُخْتَ هارُونَ لَيْسَ بِهَارُونَ أَخِي مُوسَى قَالَ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ كَذَبْتَ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فَهُوَ أَعْلَمُ وَأَخْبَرُ وَإِلَّا فَإِنِّي أَجِدُ بَيْنَهُمَا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ فَسَكَتَتْ وَفِي هَذَا التَّارِيخِ نَظَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (?) أَيْضًا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قوله: يا أُخْتَ هارُونَ الآية، قَالَ: كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ، وَآخَرُونَ يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ، وَكَانَ هَارُونُ مُصْلِحًا مُحَبَّبًا فِي عَشِيرَتِهِ وَلَيْسَ بِهَارُونَ أَخِي مُوسَى وَلَكِنَّهُ هَارُونُ آخَرُ، قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا كُلُّهُمْ يُسَمَّى هَارُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَوْلُهُ: فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا أَيْ إِنَّهُمْ لَمَّا اسْتَرَابُوا فِي أَمْرِهَا وَاسْتَنْكَرُوا قَضِيَّتَهَا وَقَالُوا لَهَا مَا قَالُوا مُعَرِّضِينَ بِقَذْفِهَا وَرَمْيِهَا بِالْفِرْيَةِ، وَقَدْ كَانَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ صَائِمَةً صَامِتَةً، فَأَحَالَتِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَأَشَارَتْ لَهُمْ إِلَى خِطَابِهِ وَكَلَامِهِ، فَقَالُوا مُتَهَكِّمِينَ بِهَا ظَانِّينَ أَنَّهَا تَزْدَرِي بِهِمْ وَتَلْعَبُ بِهِمْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ: فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قَالَتْ كَلِّمُوهُ، فَقَالُوا: عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الدَّاهِيَةِ تَأْمُرُنَا أَنْ نُكَلِّمَ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، وَقَالَ السُّدِّيُّ لَمَّا «أَشَارَتْ إِلَيْهِ» غَضِبُوا وَقَالُوا:
لَسُخْرِيَّتُهَا بِنَا حتى تَأْمُرُنَا أَنَّ نُكَلِّمَ هَذَا الصَّبِيَّ أَشُدُّ عَلَيْنَا مِنْ زِنَاهَا قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا أَيْ مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي مَهْدِهِ فِي حَالِ صِبَاهُ وَصِغَرِهِ، كَيْفَ يَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ نَزَّهَ جَنَابَ رَبِّهِ تَعَالَى وبرأه عَنِ الْوَلَدِ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْعُبُودِيَّةَ لِرَبِّهِ.
وَقَوْلُهُ: آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا تَبْرِئَةٌ لِأُمِّهِ مِمَّا نُسِبَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْفَاحِشَةِ، قَالَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ: لَمَّا قَالُوا لِأُمِّهِ مَا قَالُوا، كَانَ يَرْتَضِعُ ثَدْيَهُ، فَنَزَعَ الثَّدْيَ مِنْ فَمِهِ وَاتَّكَأَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَقَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا- إِلَى قَوْلِهِ- مَا دُمْتُ حَيًّا وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ: رَفَعَ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَوْقَ مَنْكِبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا الْآيَةَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: آتانِيَ الْكِتابَ أَيْ قَضَى أَنَّهُ يُؤْتِينِي الْكِتَابَ فِيمَا قَضَى، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المصفى، حدثنا يحيى بن سعيد هو العطار