بْنَ حَفْصٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا عَرَفْنَاكَ تَنْقُضُ الْعَهْدَ. قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ (?) : دَخَلْتَ: عَلَيْنَا بِالسِّلَاحِ وَالْقِسِيِّ وَالرِّمَاحِ. فَقَالَ: "لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، وَقَدْ بَعَثْنَا بِهِ إِلَى يَأْجُجَ"، فَقَالَ: بهذا عرفناك، بالبر والوفاء. وخرجت رؤوس الْكُفَّارِ مِنْ مَكَّةَ لِئَلَّا يَنْظُرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ [لَا] (?) إِلَى أَصْحَابِهِ غَيْظًا وَحَنَقًا، وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَهْلِ مَكَّةَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فَجَلَسُوا فِي الطُّرُقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَدَخَلَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَصْحَابُهُ يُلَبُّونَ، وَالْهَدْيُ قَدْ بَعَثَهُ إِلَى ذِي طُوًى، وَهُوَ رَاكِبٌ نَاقَتَهُ الْقَصْوَاءَ الَّتِي كَانَ رَاكِبُهَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيُّ آخِذٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُودُهَا، وَهُوَ يَقُولُ:
بِاسْمِ الَّذِي لَا دِينَ إِلَّا دينُه ... بِاسْمِ الَّذِي محمدٌ رَسُولُهُ ...
خَلُّوا بَنِي الكُفَّار عَنْ سَبِيله ... الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْويله ...
كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ... ضَرْبًا يزيلُ الهام عَن مَقِيله ...
ويُذْهِل الخليل عن خليله ... قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ ...
فِي صُحف تُتْلَى عَلَى رسُوله ... بِأَنَّ خَيْرَ القَتْل فِي سَبِيلِهِ ...
يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
فَهَذَا مَجْمُوعٌ مِنْ رِوَايَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ.
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ (?) بْنِ حَزْمٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، دَخَلَهَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) ، وَهُوَ يَقُولُ:
خُلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ ... إِنِّي شَهيدٌ أَنَّهُ رَسُولُهُ ...
خَلُّوا فَكُلُّ (?) الْخَيْرِ فِي رَسُولِهِ ... يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ ...
نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ ... كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ...
ضَرْبًا يُزيل الْهَامَ عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله ...
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ وَابْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بغرزه، وهو يقول: