شيئًا من المحرماتِ أو يخلّ بشيءٍ من الواجباتِ إلا لتقديمِ هوى النفسِ

المقتضي لارتكابِ ذلكَ على محبةِ اللَّهِ تعالَى المقتضيةِ لخلافِهِ.

الدرجةُ الثانيةُ من المحبةِ: درجةٌ المقربينَ وهيَ: أنْ يمتلئَ القلبُ بمحبةِ اللَّهِ

تعالِى حتى توجبَ له محبةَ النوافلِ والاجتهادَ فيها وكراهةَ المكروهاتِ

والانكفافَ عنها، والرِّضا بالأقضيةِ والأقدارِ المؤلمةِ للنفوسِ لصدورها عن

المحبوبِ، كما قالَ عامرُ بنُ قيس:

أحببتُ اللَّهَ حبًا هوَّنَ عليَّ كلَّ مصيبةٍ، ورضَّاني بكلِّ بليةٍ، فلا أبالي معًّ حَبِّي إياهُ على ما أصبحتُ ولا على ما أمسيتُ.

وقالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيز لما ماتَ ولدُهُ الصالحُ: إن اللَّهَ أحبَّ قبضَهُ، وإني

أعوذُ باللَّهِ أن يكونَ لي محبةٌ في شيءٍ من الأمورِ يخالفُ محبةَ اللَّهِ، وكانَ

يقولُ:

إذا أصبحتُ فما لي سرورٌ. . . إلا في مواقع القضاءِ والقدرِ.

يا من يعَزُّ علينا أن نفارِقَهم. . . وجداننَا كل شيءٍ بعدَكُم عدمُ

إن كانَ سرَّكم ما قد بليتُ بهِ. . . فما لجُرحٍ إذا أرضَاكمُ ألمُ

وحسبُ سلطانِ الهوى أن يلذَّ فيه كلُّ ما يؤلمُ.

كان عمارُ بنُ ياسرٍ يقولُ: اللهمَّ لو أعلمُ أنَّه أرْضَى لك أن أرمي بنفسِي

من هذا الجبلِ فأتردَّى فأسقطُ فعلتُ، ولو أعلمُ أنَّه أرضى لكَ أن أوقدَ نارًا

عظيمَةً فأقعُ فيها فعلتُ، ولو أعلمُ أنَّه أرْضى لكَ عنِّي أن ألقِي نفسي في الماءِ

فأغرِق نفسي فعلتُ، ولا أقولُ هذا إلا وأريدُ وجهَكَ وأنا أرجو أن لا تخيبني

وأنا أريدُ وجهَكَ.

وقُتِلَ لبعضِ الصالحين ولدانِ في الجهادِ فعزاهُ الناسُ فيهما فبكى وقالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015