وكان رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ينُكر على من لا يتأدَّبُ معه في الخطابِ بهذا الأدبِ، كما قال: "لاتقولُوا: ما شاءَ اللَّهُ وشاءَ محمدٌ بلْ قُولُوا: ما شاءَ اللَّهُ ثم شاءَ محمدٌ".
وقال: لمن قال: ما شاء اللَّه وشِئتَ: "أجَعَلتَنِى للَّه ندًا؟ بل ما شاءَ اللَّهُ
وحده ".
فمِن هُنا كان خُلفاءُ الرُّسل وأتباعُهم من أُمراءِ العدل وأتباعِهم وقُضاتِهم لا
يدْعُون إلى تعظيم نُفُوسهم ألبتَّة، بل إلى تعظيم اللَّه وحدَه، وإفرادِهِ بالعبوديةِ
والإلهيةِ، ومنهُم من كان لا يريدُ الولايةَ إلا للاستعانةِ بها على الدعوةِ إلى
اللَّهِ وحدَه.
وكان بعضُ الصالحينَ يتولَّى القضاءَ ويقول: ألا أتولاهُ لأستعينَ به على
الأمر بالمعروفِ والنهي عن المُنكر.
ولهذا كانتِ الرُّسل وأتباعُهُم يصبرونَ على الأذى في الدعوة إلى اللَّهِ.
ويتحملونَ في تنفيذِ أوامرِ اللَّه من الخلقِ غايةَ المشقةِ وهُم صابرونَ، بل
رَاضُون بذلكَ، فإنَّ المحبَّ رُبَّما يتلذذُ بما يُصيبه منَ الأذى في رضى محبوبِه.
كما كانَ عبدُ الملك بنُ عمرَ بنِ عبدِ العزيز - رحمه اللَّهُ - يقولُ لأبيه في
خلافتِهِ إذا حرصَ على تنفيذِ الحق وإقامةِ العدل: با أبَتِ، لودِدْت أنِّي غَلتْ