الذي قلنَاه بعينِه، قالَ: وعلى هذا أجمعَ أهلُ العلم، قالَ ابنُ حزمٍ: وهو
قولُ جميع أهلِ الإسلامِ، هذا مختصرُ ما ذكرَهُ، ولا يُعرفُ ما قالَهُ في هذا
عن أحدٍ من أهلِ الإسلامِ غيرِهِ.
فكيفَ يكونُ قولَ جميعَ أهلِ الإسلامِ، وكلامُهُ يقتضِي أن الأرواحَ رآها
النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ الإسراءِ تحتَ السماءِ الدُّنيا، والحديثُ إنما يدلُّ على أنه إنما راَها فوقَ السماءِ الدنيا، وما حُكِي عن محمدِ بن نصرٍ، عن إسحاقَ بنِ راهويْهِ، فلا يدلُّ على ما قالَهُ بوجهٍ، فإن محمدَ بنَ نصرٍ حكى عن إسحاقَ بنِ راهويْهِ إجماعَ أهلِ العلم على أنَّ اللَّهَ تعالى استخرجَ ذريتَهُ من صلبِهِ قبلَ خلقَ أجسادِهم واستنطَقَهُم واستشهدَهُم على أنفسِهِم (ألَسْتُ بِرَبِّكم قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) .
ولم يذكر أكئرَ من هذا، وهذا لا يدلُّ على شيءٍ مما
قاله ابنُ حزمٍ في مستقرِّ الأرواح الميتةِ، بل ولا على أنَّ الأرواحَ بقيتْ على
حالِها، بلْ في بعضِ الأحاديثِ أنه ردَّها إلى صلبِ آدمَ، ولم يقلْ إسحاقُ
ولا غيرُه من المسلمينَ: إن مستقرَ الأرواح حيثُ منقطع العناصِر، بل وليسَ
هذا من جنسِ كلامِ المسلمينَ، بل من جنسِ كلامِ المتفلسفةِ.
وقد خرَّج ابنُ جريرٍ الطبريُّ في كتابِ "الآدابِ " لهُ، من طريقِ أبي
معشرٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ، عن المغيرةِ بنِ عبدِ الرحمنِ، قالَ: قالَ سلمانُ
لعبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ: إنَّ متَّ قبلي فأخبرْنِي بما تلْقَى، وإنْ متُّ قبلكَ أخبرتُك
بما ألْقى، فقالَ له الناسُ: يا عبدَ اللَّهِ كيف تخبرُنا وقد مِتَّ؟ قالَ: ما منْ روح تُقبضُ من جسدٍ إلا كانتْ بينَ السماءِ والأرضِ حتى تُردَّ في جسدهِ الذي أخذتْ منه، وهذا لا يثبتُ وهو منقطعٌ، وأبو معشرٍ: ضعيفٌ، وقد سبقَ روايةُ سعيدِ بنِ المسيبِ لهذه القصة بغير هذا اللفظِ وهو الصحيحُ.