الجنةُ والنارُ في السماءِ الدنيا، وإنَّما معناه أنَّ آدمَ في السماء الدنيا، يفتحُ له
بابانِ إلى الجنةِ والنارِ، ينظرُ منهما إلى أرواح ولدِه فيهما.
وقد رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الجنةَ والنارَ في صلاةِ الكسوفِ وهو في الأرضِ وليستِ الجنةُ في الأرضِ.
ورُوي أنه رآها ليلةَ الإسراء في السماءِ؛ ليستِ النارُ في السماءِ.
ويشهدُ لذلكَ - أيضًا - ما في حديثِ أبي هارونَ العبدِيِّ - مع ضعفِ
حديثِهِ - عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ الإسراءِ الطويلِ إلى أنْ ذكرَ السماءَ الدنيا: "وإذا أنا برجلٍ كهيئتِه يومَ خلقَهُ اللَهُ - عزَّ وجلَّ - لم يتغيرْ منه شيءٌ، وإذا تُعْرَضُ عليه أرواحُ ذريتِهِ، فإذا كان روحُ مؤمنٍ قال: روحٌ طيبةٌ، وريحٌ
طيبة اجعلُوا كتابَهُ في عليّينَ. وإذا كان روحُ كافرٍ، قال: روحٌ خبيثةٌ، وريحٌ خبيثة اجعلُوا كتابه في سجِّين، قلتُ: يا جبريلُ من هذا؟
قال: أبوكَ آدمُ "، وذكر الحديثَ.
ففي هذا أنه تُعْرَضُ عليه أرواحُ ذريتِه في السماءِ الدنيا، وأنه يأمرُ بجعلِ
الأرواح في مستقرِّها من علِّيينَ وسجًّينَ، فدلَّ على أن الأرواحَ ليس محل
استقرارِها في السماءِ الدُّنيا.
وزعمَ ابنُ حزمٍ أنَّ اللَّه خلقَ الأرواحَ جملةً قبلَ الأجسادِ، وأنه جعلها في
برزخ، وذلك البرزخُ عند منقطع العناصرِ، يعني حيثُ لا ماءَ ولا هواءَ ولا
نارَ ولا ترابَ، وأنه إذا خلقَ الأجسادَ أدخلَ فيها تلكَ الأرواحَ، ثم يعيدها
عند قبضِها إلى ذلك البرزخ، وهو الذي رآها رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في ليلةِ أُسْرِي به، عند سماءِ الدنيا، أرواحُ أهلِ السعادةِ عن يمينِ آدمَ، وأرواحُ أهلِ الشقاوةِ عن يسارِهِ، وذلك عند منقطع العناصرِ، وتُجعلُ أرواحُ الأنبياء والشهداءِ إلى الجنةِ.
قال: وذكرَ محمدُ بنُ. نصر المروزيُّ، عن إسحاقَ بنِ راهويه، أنه ذكرَ هذا