وقالتْ طائفة من الصحابةِ: الأرواحُ عندَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وقد صحَّ ذلك

عن ابنِ عمرٍو، وقد سبقَ قولُهُ.

وكذلكَ رُوي عن حذيفةَ، خرَّجه ابن منده، من طريقِ داودَ الأوديِّ، عن

الشعبيِّ، عن حذيفةَ، قال: إنَّ الأرواحَ موقوفة عندَ اللَّهِ تعالى، تنتظرُ

موعدَها، حتَّى ينفخَ فيها، وهذا إسناد ضعيف، هذا لا ينافي ما وردتْ به

الأخبارُ من محلِّ الأرواح على ما سبقَ.

وقال طائفةٌ: أرواحُ بني آدمَ عند أبيهم آدمَ عليه السلامُ عن يمينِه وشمالِه

وهذا يستدل له بما في "الصحيحينِ " عن أنسٍ، عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -، عن النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فرج سقف بيتي وأنا بمكة"، فذكر الحديثَ وفيه: "فلمَّا فتحَ، علونَا السماءَ الدنيا، فإذا رجل قاعد عن يمينِهِ أسوِدَة، وعن يسارِهِ أسودة، فإذا نظر قِبَل يمينهِ ضحكَ، وإذا نظرَ قِبَلِ شمالهِ بَكى، فقال: مرحبًا بالنبيِّ الصالح والابن الصالحِ، قلتُ لجبريلَ: من هذَا؟

قال: هذا آدمُ، وهذه الأسودةُ عن يمينِهِ وعن شمالِهِ نسمُ بني آدمَ، فأهل

اليمينِ منهم أهلُ الجنةِ، والأسودةُ التي عن شمالِهِ أهلُ النارِ، فإذا نظرَ عن يمينِهِ ضحكَ، وإذا نظرَ عن شمالِهِ بَكَى.. " وذكر بقية الحديثِ.

وظاهرُ هذا اللفظِ يقتضِي أنَّ أرواحَ الكفارِ في السماءِ، وهذا مخالف لقولِهِ

تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَاب السَّمَاءِ) ، وكذلك حديثُ البراءِ وأبي هريرةَ وغيرِهما، أنَّ السماءَ لا تفتحُ

لروح الكافرِ، وأنها تطرحُ طرْحًا، وأنَّ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، قرأ: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَاَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015