وروى في كتابِ "المناماتِ " قال: حدثنا زكريا بنُ الحارثِ البصريُّ، قالَ:
رُئِيَ محمدُ بنٍ عبادٍ في النومِ، فقيلَ لهُ: ما فعلَ اللَّهُ بك؟
فقالَ: لولا دَيْنِي أُدْخِلتُ الجنةَ.
وقالتْ طائفةٌ: الأرواحُ في الأرضِ، ثم اختلفُوا.
فقالتْ فرقةٌ منهم: الأرواحُ تستقرُّ على أفنيةِ القبورِ.
وهذا القولُ هو الذي ذكرَه عبدُ اللَّهِ ابن الإمامِ أحمدَ لأبيه في سؤالِهِ المتقدمِ. وحكى ابنُ حزمٍ هذا القولَ عن عامَّة أصحابِ الحديثِ.
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: كان ابنُ وضَّاحٍ يذهبُ إليه، ويحتجُّ بحديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حين خرجَ إلى المقبرةِ فقال: "السلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنينَ "، فهذا يدلُّ على أنَّ الأرواحَ بأفنيةِ القبور.
ورجَّح ابنُ عبدِ البرِّ أنَّ أرواحَ الشهداءِ في الجنةِ، وأرواحَ غيرِهِم على أفنيةِ
القبورِ تسرحُ حيثُ شاءتْ.
وذَكرَ عن مالكٍ أنه قالَ: بلغَنِي أنَّ الأرواحَ مرسلةٌ تذهبُ حيثُ شاءتْ.
وعن مجاهدٍ قالَ: الأرواحُ على القبورِ سبعةُ أيامٍ، من يومِ دفنِ الميتِ، لا
تفارقُ ذلكَ.
واستدلَّ هو وغيرُه بحديثِ ابنِ عمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
قالَ: "إذا ماتَ أحدُكُم عُرِضَ عليه مقعدُه بالغداةِ والعشيِّ، إنْ كانَ من أهل الجنةِ فمنْ أهلِ الجنةِ، وإنْ كانَ من
أهلِ النارِ فمِنْ أهلِ النارِ، يُقالُ له: هذا مقعدُك حتَّى يبعثَكَ اللَهُ يومَ القيامةِ"