[سورة مريم (19) : الآيات 8 إلى 19]

والأول أحسن هنا

أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ تعجب واستبعاد أن يكون له ولد مع شيخوخته وعقم امرأته، فسأل ذلك أولا لعلمه بقدرة الله عليه، وتعجب منه لأنه نادر في العادة، وقيل: سأله وهو في سنّ من يرجوه، وأجيب بعد ذلك بسنين وهو قد شاخ عِتِيًّا قيل:

يبسا في الأعضاء والمفاصل، وقيل: مبالغة في الكبر كَذلِكَ الكاف في موضع رفع، أي الأمر كذلك، تصديقا له فيما ذكر من كبره وعقم امرأته، وعلى هذا يوقف على قوله.

كذلك. ثم يبتدأ: قال ربك، وقيل: إن الكاف في موضع نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره: هو عليّ هين اجْعَلْ لِي آيَةً أي علامة على حمل امرأته سَوِيًّا أي سليما غير أخرس، وانتصابه على الحال من الضمير في تكلم، والمعنى أنه لا يكلم الناس مع أنه سليم من الخرس، وقيل: إن سويا يرجع إلى الليالي أي مستويات فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أي أشار، وقيل: كتب في التراب إذ كان لا يقدر على الكلام أَنْ سَبِّحُوا قيل: معناه صلوا، والسبحة في اللغة الصلاة، وقيل: قولوا سبحان الله يا يَحْيى التقدير قال الله ليحيى بعد ولادته: خُذِ الْكِتابَ يعنى التوراة بِقُوَّةٍ أي في العلم به والعمل به وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا قيل: الحكم، معرفة الأحكام، وقيل: الحكمة، وقيل: النبوة وَحَناناً قيل: معناه رحمة وقال ابن عباس: لا أدري ما الحنان وَزَكاةً أي طهارة، وقيل، ثناء كما يزكى الشاهد.

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ

خطاب لمحمد صلّى الله عليه وسلّم والكتاب القرآن إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها

أي اعتزلت منهم وانفردت عنهم مَكاناً شَرْقِيًّا

أي إلى جهة الشرق فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا

يعنى جبريل، وقيل: عيسى، والأول هو الصحيح لأن جبريل هو الذي تمثل لها باتفاق قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا

لما رأت الملك الذي تمثل لها في صورة البشر، قد دخل عليها خافت أن يكون من بني آدم، فقالت له هذا الكلام، ومعناه:

إن كنت ممن يتقي الله فابعد عني، فإني أعوذ بالله منك، وقيل: إن تقيا اسم رجل معروف بالشرّ عندهم وهذا ضعيف وبعيد لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا

الغلام الزكيّ هو عيسى عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015