سورة مريم
مكية إلا آيتي 58 و 71 فمدنيتان وآياتها 98 نزلت بعد فاطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة مريم) كهيعص قد تكلمنا في أول البقرة على حروف الهجاء، وكان علي بن أبي طالب يقول في دعائه: يا كهيعص، فيحتمل أن تكون الجملة عنده اسما من أسماء الله تعالى، أو ينادي بالأسماء التي اقتطعت منها هذه الحروف ذِكْرُ تقديره هذا ذكر عَبْدَهُ زَكَرِيَّا وصفه بالعبودية تشريفا له، وإعلاما له بتخصيصه وتقريبه، ونصب عبده على أنه مفعول لرحمة، فإنها مصدر أضيف إلى الفاعل، ونصب المفعول، وقيل: هو مفعول بفعل مضمر، تقديره: رحمة عبده وعلى هذا يوقف على ما قبله وهذا ضعيف، وفيه تكلف الإضمار من غير حاجة إليه، وقطع العامل عن العمل بعد تهيئته له إِذْ نادى رَبَّهُ يعنى دعاه نِداءً خَفِيًّا أخفاه لأنه يسمع الخفي كما يسمع الجهر، ولأن الإخفاء أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء، ولئلا يلومه الناس على طلب الولد وَهَنَ الْعَظْمُ أي ضعف وَاشْتَعَلَ استعارة للشيب من اشتعال النار وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا أي قد سعدت بدعائي لك فيما تقدم، فاستجب لي في هذا، فتوسل إلى الله بإحسانه القديم إليه وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ يعنى: الأقارب قيل: خاف أن يرثوه دون نسله، وقيل: خاف أن يضيعوا الدين من بعده مِنْ وَرائِي أي من بعدي عاقِراً أي عقيما فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يعنى وارثا يرثني، قيل: يعنى وراثة المال، وقيل: وراثة العلم والنبوة، وهو أرجح لقوله صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (?) وكذلك يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ العلم والنبوة، وقيل: الملك، ويعقوب هنا هو يعقوب بن إسحاق على الأصح رَضِيًّا أي مرضيا فهو فعيل: بمعنى مفعول سَمِيًّا يعنى من سمي باسمه، وقيل: مثيلا ونظيرا،