هذه قاعدة معلومة صفات الله كلها عليا وكلها كمال كما في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (?) أي: الوصف الكامل كما أن أسماء الله حسنى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (?) وكلها كمال والعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر؛ ولهذا إذا كانت الصفة تحتمل الكمال وتحتمل النقص ما يوصف الله بها إذا كانت تحتمل هذا وهذا فلا يوصف الله بها، من ذلك ما أحدثه بعض المبتدعة مثل: الجسم والحيز والعرض والجهة فهذه كلها تحتمل حقًّا وباطلا؛ فلذلك ما جاء الشرع بإثباتها. أما صفات الله فكلها كاملة، وأسماء الله كلها حسنى؛ فلذلك أطلقها الله -سبحانه وتعالى- على نفسه.

وإذا كانت الصفة نقصًا لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل والعجز والصمم والعمى ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص.

{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) } (?) سبح نفسه ونزه نفسه عما يصفه به المشركون من النقائص والعيوب.

لأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصًا؛ لمنافاة النقص للربوبية.

لأن الرب كامل -سبحانه وتعالى-، الربوبية تقتضي الكمال فلا يمكن أن يكون الرب إلا كاملا.

وإذا كانت الصفة كمالا من وجه ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، بل لا بد من التفصيل، تثبت لله في الحال التي تكون كمالا، وتمتنع في الحال التي تكون نقصًا كالمكر والكيد والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالا إذا كانت في مقابلة مثلها؛ لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصًا في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015