الشيخ: الصواب أنه لا ينعزل قبل علمه لأنه يترتب على هذا مفاسد منها لو وكَّل رجلاً في القصاص فذهب الوكيل واقتص من الجاني فعزله الموكِّلُ قبل أن يقتص فإذا قلنا إنه ينعزل قبل العلم وجب عليه القصاص لأنه قتله متعمداً إلا أن يرفع ذلك بالشبهة فهذا شيء آخر وكذلك أيضاً لو أمره أن يبيع بيته ثم باعه وأثبته بالوثيقة عند كاتب العدل أو عند القاضي وكان قد عزله قبل أن يبيع البيت فعلى القول بأنه ينعزل قبل العلم يكون البيع باطلاً، فالصواب أنه لا ينعزل قبل العلم لأنه تصرف تصرفاً لم يثبت زواله والأصل بقاء الوكالة فالرجل غير معتدي ولا ظالم بل هو تصرف بحق، ومن ذلك أيضاً لو حصل من هذا الوكيل أن تصرف وقد أصيب الموكِّلُ بالجنون مثلاً وهو لم يعلم فعلى كلام المؤلف يكون تصرفه غير صحيح على القول بأنه ينعزل وعلى القول الثاني يكون تصرفه صحيحاً.
القارئ: وإن أزال الموكل ملكه عن ما وكله فيه بإعتاق أو بيع أو طلاق التي وكله في طلاقها بطلت الوكالة لأنه أبطل محليته.
الشيخ: هذه المسألة تنبني على مسألة العزل قبل العلم لكن مراد المؤلف إذا علم الوكيل أن موكِّله أعتق العبد فقال مثلاً خذ هذا العبد بعه ثم إنه أي المالك أعتقه فهنا تبطل الوكالة، أو قال بع هذه الدار ثم علم الوكيل أن صاحبه باعها فإن الوكالة هنا تبطل لأن تصرفه فيها بالبيع يدل على أنه عدل عن الوكالة ولكن لو قال الوكيل أنه قد تعب بالسوم عليها والمناداة وما أشبه ذلك فهل يستحق على ذلك أجرة أو لا؟ الصحيح أنه يستحق لأن الفسخ الآن من قِبَلِ الموكِّل وأما الوكيل فلم يحدث منه أي تقصير، ولو قلنا إنه لا يلزمه لصار كل إنسان يوكِّلُ شخصاً يسوم على هذا البيت فإذا سام عليه وتعب في ذلك ذهب الموكِّلُ إلى آخر ثم باع عليه وترك الوكيل بلا شيء، فالصواب أنه يستحق أجرة المثل أو مما قدِّر له بقدر ما تعب فيه.