القارئ: يصح التوكيل في الشراء لقول الله تعالى (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ).
الشيخ: إباحة الوكالة لا شك أنها من محاسن الشريعة ومن تيسيرها وذلك لأن الإنسان قد لا يتمكن من الوصول إلى ما يريد إلا بوكالة وهي تشبه الاستعانة بالغير لأن المُوَكِّل إذا وَكَّلَ شخصاً فقد استعان به وهنا نسأل هل هي مباحة أو مندوبة أو محرمة؟ الجواب أما بالنسبة للمُوكِّل فإنها مباحة وأما بالنسبة للوكيل فإنها سنة لأنها من الإحسان والإعانة وقد قال الله تعالى (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) واستدل المؤلف رحمه الله لجوازها بالآية الكريمة (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) فإذا قال قائل القصة هذه ليست لهذه الأمة؟ فالجواب أن ما قصه الله علينا في القرآن الكريم فإنه عبرة لنا فإذا قُصَّ ولم ينكر فهو عبرة لنا يعني لنا أن نفعله، والعلماء رحمهم الله دائماً يستدلون بما في القرآن الكريم، وفي هذه الآية جواز التوكيل وجواز الاشتراك لقولهم (بِوَرِقِكُمْ) فإن ظاهر أن النقد الذي معهم مشترك وفيها أيضاً جواز طلب الأعلى والأزكى من الطعام وأن هذا لا يعد إسرافاً لقوله (فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً) وفيها أيضاً رد لكلام الفقهاء في باب السلم رحمهم الله حيث قالوا إنه إذا شرط الأردأ أو الأجود لم يصح لأنه ما من جيد إلا وفوقه أجود منه فيقال إن هؤلاء وكلوه في شراء الأزكى ويُحْمَلُ الأردأ والأجود على ما في السوق وفيها أيضاً جواز التوكيل بالشراء والحمل فلو وكلت شخصاً ليشتري لك شيئاً فإنه من لازم الوكالة أن يشتريه ويأتي به لا أن يشتريه ويضعه في الدكان فالمطلوب أن يحضره ويكون قولهم (فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) من باب التوكيد.