القارئ: النوع الثاني الصلح مع الاعتراف وهو ثلاثة أقسام أحدها أن يعترف له بدين فيبرئه من بعضه ويستوفي باقيه فلا بأس بذلك لأن الإنسان لا يمنع من إسقاط حقه ولا من استيفائه قال أحمد رضي الله عنه ولو شفع فيه شافع لم يأثم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر فوضعوا عنه الشطر وكلم كعب بن مالك فوضع عن غريمه الشطر ويجوز للقاضي فعل ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
الشيخ: قوله (ويجوز للقاضي) لكن بشرط أن يكون المدين قد أقر وأما إذا لم يكن أقر فربما يضغط على المدعي حتى يسقط بعض الحق وهذا لا يجوز لأنه سوف يسقطه خوفاً من أنه إذا طلب من القاضي أن يحكم يفوته الحق كله والمدين قد أقر له.
القارئ: وإن أمكن الغريم الوفاء فامتنع حتى أبرئ من بعضه لم يجز لأنه هضم للحق وأكل مال بالباطل ولو قال الغريم أبرأتك من بعضه بشرط أن توفيني بقيته أو على أن توفيني باقيه لم يصح لأنه جعل إبراءه عوضاً عما أعطاه فيكون معاوضاً لبعض حقه ببعض ولا يصح بلفظ الصلح لأن معنى صالحني عن المائة بخمسين أي بعني وذلك غير جائز لما ذكرنا ولأنه ربا ولو صالحه عن مائة مؤجلة بخمسين حالة لم يجز لذلك لأن بيع الحلول غير جائز وإن صالحه عن الحالة بأقل منها مؤجلة لم يصح لأن الحال لا يتأجل بالتأجيل.
الشيخ: وإن صالحه عن الحالة بأكثر فهو حرام من باب أولى لأن هذا هو الذي يسمى قلب الدين فمثلاً إذا حل عليه مائة وقال أنا ما عندي شيء قال أصالحك على أن تكون مائة وعشرين إلى سنة هذا حرام والصحيح في مسألة المصالحة أنه إذا صالح عن المؤجل بعضه حالاً فإنه لا بأس به ولا فرق بين أن يقول أسقطت وبين أن يقول صالحت لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ فالصواب أنه إذا صالح عن المؤجل ببعضه حالاً فلا بأس.