الشيخ: في كلام المؤلف رحمه الله دليل على أن الورثة لا يلزمهم قضاء الدين إذا لم يخلف المدين تركة سقط حق الغريم ولا يلزم الورثة أن يسددوا عنه لأنه (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) نعم لو كان الميت قريباً قرابة قوية كأبيه أو ابنه أو أخيه أو ما أشبه ذلك فهنا ينبغي أن يسددوا عنه من أموالهم إذا كان لديهم مال وأما الوجوب فلا يجب فإن قيل وهل يوفى من الزكاة؟ فالجواب لا، لا يوفى من الزكاة لأن الزكاة للأحياء فقط والأموات إن كانوا أخذوا أموال الناس يريدون أدائها أدى الله عنهم وإن كانوا أخذوها يريدون إتلافها فليسوا أهلاً للرحمة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (من أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) ويدل لهذا أن بعض أهل العلم حكى إجماع العلماء على أنه لا يقضى من الزكاة دينٌ على ميت لأن الزكاة إنما هي للأحياء وأيضاً كان النبي صلى الله عليه وسلم تقدم إليه جنائز وعلى أصحابها ديون فكان لا يوفيها من الزكاة لكن لما أفاء الله عليه وكثرت الغنائم صار يوفيها عليه الصلاة والسلام ونقول أيضاً لو فتح هذا الباب يعني قضاء الديون عن الأموات لبقي الغرماء الأحياء لا يحصل لهم شيء لأن الناس سوف ينقبون عن الدفاتر السابقة فإذا كان عليهم دين يقضونها من الزكوات فيبقى الغرماء من الأحياء لا يحصل لهم شيء من الزكاة ونقول أيضاً إذا قضينا الدين عن الميت فإنما يحصل بذلك براءة ذمته فقط لكن إذا قضينا الدين عن الحي حصل بذلك فائدتان الأولى قضاء دينه والثانية حفظ ماء وجهه وسلامته من الذل أمام الغرماء فلا ينبغي أن نعدل عن هذا إلى هذا لكن نعم لو فرض أنه لا يوجد غرماء أحياء فقد يتوجه القول بإخراجها في دين الأموات على ما في ذلك من ثقلٍ عندي على أن أصناف الزكاة باقية كما هي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015