أما الأول وهو أنه يقاس على الماء الذي تطهر به فيقال نحن لا نسلم هذا الحكم في الأصل المقيس عليه وإذا لم نسلمه في الأصل سقط القياس لأن من شرط القياس عند المناظرة أن يكون الأصل متفقاً عليه بين الطرفين وهذا غير متفق عليه فنحن نقول من الذي قال لكم إن الماء المستعمل لا يستعمل مرة ثانية في الطهارة فهو لم يخرج عن كونه ماءً والماء يتطهر به.
وأما قولهم كالرقيق فهذا أيضاً غير صحيح لأن الرقيق إذا حرر لم يكن رقيقاً والحصى إذا رمي به ظل حصى ثم نقول أيضاً هذا الرقيق لو هرب إلى بلاد الكفر ثم جرى بيننا وبينهم قتال ثم أسرناه صار رقيقاً يعتق فالصحيح أنه يجوز الرمي بحصى قد رمي به ولا بأس.
لكن أورد على هذا أنه يلزم على هذا القول أن تجزئ حصاة واحدة عن جميع الحجيج فهذا الإلزام غير صحيح لا أحد يقول به ولا يجوز أن يلزم به القائل بإجزاء الرمي بحجر قد رمي به أبداً فالصواب أنه يجوز الرمي بحجر قد رمي به لكن صحيح أنه ليس من السنة أن الإنسان يقف على الحوض ويبدأ يأخذ من الحوض ويرمي لكن لو أخذ من حصى متناثرة من الحوض فلا بأس وهذا يحتاج الإنسان إليه أحياناً لأنه قد يسقط منه حجر قبل الحوض وحينئذٍ يحتاج إلي أن يأخذ الحصى من قريب من الحوض فلا بأس في ذلك حتى فيما يظهر على المذهب لا بأس به لأنه لا يتيقن أن هذه الحصاة قد رمي بها فيجوز أن تكون وقعت من صاحبها أو رماها ثم طارت فلم تسقط في الحوض أو ما أشبه ذلك.
القارئ: وإن رمى بحجر كبير أجزأه لأنه حجر وعنه لا يجزئه لأنه منهي عنه.
الشيخ: الثاني أصح أنه لا يجزئه لأن الرسول قال (فبأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين) فكيف يجزئ الرمي بحجر قد نهى عنه فالصواب أنه لا يجزئ ثم إن الرمي بالحجر الكبير فيه خطر على الناس لأن هذا الحجر لو وقع على رأس إنسان لتأثر تأثراً كبيراً لا سيما إذا رماه شخص بقوة شديدة.