وعن حبيبة بنت أبي تجراة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) رواه أبو داود وعنه أنه سنة لا شيء على تاركه لقول الله تعالى (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ) مفهومه أنه مباح وفي مصحف أبيّ وابن مسعود (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) وهذا لا ينحط عن رتبة الخبر قال القاضي الصحيح أنه واجب يجبره الدم وليس بركن جمعاً بين الدليلين وتوسطاً بين الأمرين.
الشيخ: فصار في السعي ثلاثة أقوال:
القول الأول أنه ركن.
والثاني أنه سنة.
والثالث أنه واجب والأظهر أنه ركن وأنه لا يتم الحج والعمرة إلا به كما قالت عائشة رضي الله عنها وأما قوله تعالى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) فيعرف معنى الآية بمعرفة سبب النزول وسبب النزول أن الصحابة رضي الله عنهم تحرجوا من الطواف بين الصفا والمروة لأنه كان فيهما صنمان فتحرجوا من الطواف بهما فأنزل الله هذه الآية: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) ويدل على أن المقصود بذلك بيان مشروعية الطواف بالصفا والمروة أنه قال (مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) ويكون قوله (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ) دفعاً للتحرج مما وقع في نفوس الصحابة رضي الله عنهم فنفي الجناح ليس المراد به رفع الإثم بل رفع التحرج الواقع عند الصحابة رضي الله عنهم.
فصل
(السعي بين الصفا والمروة)
القارئ: ولا يسن السعي بين الصفا والمروة إلا مرة في الحج ومرة في العمرة فمن سعى مع طواف القدوم لم يعده مع طواف الزيارة ومن لم يسع مع طواف القدوم أتى به بعد طواف الزيارة فأما الطواف بالبيت فيستحب الإكثار منه والتطوع به لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من طاف بالبيت وصلى ركعتين فهو كعتق رقبة) رواه ابن ماجة.