وفي هذا الفصل أن المتمتع يمكن أن يسوق الهدي والصواب أنه إذا ساق الهدي فإنه لا يحرم بالتمتع لتعذره لأن التمتع لا بد فيه من إحلال ومن معه الهدي لا يمكن أن يحل والعجب أن المؤلف رحمه الله وكذلك من قبله من الفقهاء ومن بعده يقولون إنه إذا ساق الهدي وهو متمتع وطاف وسعى فإنه لا يقصر ويحرم بالحج وقد سبق لنا هل هذا يعتبر قراناً أو تمتعاً؟ منهم من يرى أنه قران ومنهم من يرى أنه تمتع ولكن أصل المسألة غير صحيحة وغير واردة يعني أن يسوق الهدي وهو متمتع.
وفي هذا الفصل أنه إذا قدم في العشر ومعه هدي فإنه لا يحل لفعل النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم ومن قدم قبل ذلك فإنه يحل ولكن الصحيح أن الحكم واحد وأن من ساق الهدي في حجه أو في عمرته وهو متمتع فإنه يجعله قراناً أي أن من قدم مكة ومعه الهدي فليس له إلا القران.
وأما قوله رحمه الله إن التلبيد كسوق الهدي يعني فإذا لبد رأسه امتنع التحلل فهذا فيه نظر ظاهر لأن الذي يمنع التحلل ليس هو التلبيد بل هو سوق الهدي قال الرسول عليه الصلاة والسلام (إن معي الهدي فلا أحل) وأما تلبيد الرسول عليه الصلاة والسلام فلأنه كان عازماً على ألا يأتي رأسه إلا في يوم العيد فلبده والتلبيد أن يضع على الرأس ما يلبد الشعر من صمغ وعسل ونحوه لئلا ينتفش فالصواب أن التلبيد ليس كسوق الهدي وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام (إني لبدت رأسي وقلدت هدياً) فهذا بيان للواقع والذي يمنع التحلل هو سوق الهدي فقط.
وأما إذا قدم مكة لا للحج بل للعمرة فإنه إذا وصل إلى مكة وأدى العمرة نحر وحل وهذا لا إشكال فيه والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة ونحر هديه وحل.
فصل
(في وجوب السعي)
القارئ: والسعي ركن لا يتم الحج إلا به لقول عائشة رضي الله عنها (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة وطاف المسلمون وكانت سنة ولعمري ما أتم الله حج من لم يطف بينهما) رواه مسلم.