الشيخ: هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله ولكن المذهب أنه يشترط أن يطوف ماشياً إلا لعذر والاستدلال بحديث أم سلمة فيه نظر لأن الدليل أخص من المدلول فإن أم سلمة اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في طواف الوداع أنها مريضة فقال لها (طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) ويفرق بين الطواف لعذر والطواف لغير عذر وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكباً على بعيره فهذا لفائدة عظيمة وهي أن يراه الناس ويستنوا به يعنى أن يفعلوا مثلما فعل فحديث أم سلمة لعذر وحاجة وحديث النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة عظيمة ولهذا كان الاحتياط بلا شك ألا يطوف راكباً إلا لعذر والمحمول كالراكب والذي يدف بعربية كالراكب أيضا إذا كان لعذر فلا شك في جوازه وإذا كان لغير عذر ففي جوازه نظر.
القارئ: وإن طاف راكباً أو محمولاً لغير عذر ففيه روايتان إحداهما يجزئه لأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا وهذا قد طاف ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكباً وهو صحيح، والثانية لا يجزئه لأنها عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكباً لغير عذر كالصلاة فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن ابن عباس قال (إن الناس كثروا عليه يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب) رواه مسلم.
الشيخ: إذاً صارت المسألة لمصلحة وكما ذكرنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام ركب ليراه الناس ويتأسوا به ولهذه العلة التي ذكرها ابن عباس رضى الله عنهما والاحتياط بلا شك ألا يطوف راكباً إلا لعذر.
فصل