القارئ: وإن كان مرضه يرجى زواله لم يجز أن يستنيب لأنه يرجو القدرة فلم تكن له الاستنابة كالصحيح الفقير فإن استناب ثم مات لم يجزئه ووجب الحج عنه لأنه حُج عنه وهو غير ميئوس منه فلم يجزئه الحج كما لو برئ، وهل يجوز لمن يمكنه الحج بنفسه أن يستنيب في حج التطوع فيهما روايتان إحداهما يجوز لأنها حجةٌ لا يلزمه أداؤها فجاز له الاستنابة فيها كالمعضوب والثانية لا يجوز لأنها عبادةٌ لا تجوز الاستنابة في فرضها فلم تجز في نفلها كالصلاة.
الشيخ: وهذا أقرب من حيث مراعاة التعبد لله فهذا رجل قادر على أن يحج بنفسه فأعطى من يحج عنه فيقال كيف يصح هذا وهل العبادة سلعة تباع وتشترى؟ لا، العبادة تعبّد لله عز وجل بتعظيمه ومحبته والتقرب إليه فإما أن تفعلها بنفسك وإما أن لا تنيب غيرك وهذا القول أقرب إلى الصواب لأنه كما لا يجوز للإنسان أن يقول لإنسان توضأ عني صلِّ عني كذلك لا يقول تطوع، فإذا قال قائل هذا رجلٌ ثري ويحب أن يشارك الناس في الحج ولكنه لا يريد أن يحج بنفسه نقول يعطي من ماله من يريد الحج وهو إذا أعان حاجاً فقد حج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الغازي أن من أعانه فقد غزا فنقول يا أخي هذه الدراهم التي تريد أن تبذلها لإنسان ليقوم عنك بالحج أعطها هؤلاء الفقراء الذين لم يؤدوا فريضة الحج وهو أفضل لك.
فصلٌ
القارئ: ومن كملت الشرائط في حقه لزمه الحج على الفور ولم يجز له تأخيره لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) رواه ابن ماجة، وعن عليٍ رضي الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ملك زاداً وراحلةً تبلّغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً) رواه الترمذي ولأنه أحد أركان الإسلام فلم يجز تأخيره إلى غير وقت كالصيام.