القارئ: وإمكان السير معتبرٌ بما جرت به العادة فلو أمكنه السير بأن يحمل على نفسه ما لم تجري به عادةٌ لم يلزمه لأن فيه مشقةً وتغريراً وتخلية الطريق عبارةٌ عن عدم الموانع فيها بعيدةً كانت أو قريبة، براً أو بحراً الغالب السلامة فيه فإن لم يكن الغالب السلامة لم يلزمه كالبر إذا كان فيه مانع فإن كان الطريق آمناً لكنه يحتاج إلى خفارةٍ كثيرةٍ لم يلزمه الأداء لأنه كالزيادة على ثمن المثل في شراء الزاد وإن كانت يسيرة فقال ابن حامد يلزمه لأنها غرامةٌ ممكنة يقف الحج على بذلها فلزمته كثمن الزاد. وقال القاضي لا يلزمه لأنها رشوةٌ في الواجب فلم تلزمه كسائر الواجبات.
الشيخ: الخفارة هي ما يؤخذ على الإنسان لحمايته وكان في الأول القبائل منتشرة في الطرق ومن القبائل قومٌ قطاع طريق إذا مر المسافر أخذوا ماله ويأتي أحدٌ من هذه القبيلة ويقول للراكب أنا أحميك منها بشرط أن تعطيني كذا وكذا، فإذا مر بالقبيلة وعدوا عليه صاح الخفير وقال دونكم أنا فلان بن فلان فإذا عرفوا أنه منهم تركوا المسافر وهذه تسمى خفارة لأنها تعطى للخفير الذي يمنع من العدوان على هذا الرجل، فهل الخفارة مانعة من الوجوب؟ ذكر المؤلف رحمه الله أنه إذا كانت كثيرة فإنها تمنع الوجوب وإذا كانت يسيرة ففيها قولان قول ابن حامد وقول القاضي والصواب أنها لا تمنع الوجوب إذا كان قادراً عليها لأنها من نفقات السفر فإذا كان قادراً عليها فإنها لا تمنع وجوب الحج قليلةً كانت أو كثيرة. وقول القاضي رحمه الله لأنها رشوة في الواجب فيقال ليست هذه رشوة لكنها دفع ظلمٍ عن نفسه، والرشوة التي ورد النهي عنها ما قصد بها إبطال الحق أو إحقاق الباطل وأما ما قُصد به دفع الظلم فهذا ليس برشوة بل هو حرامٌ على الآخذ جائزٌ للمعطي فتعليل القاضي رحمه الله عليل.
السائل: ما حكم الخفارة؟