أما المسألة الأولى فلا دليل عليها إلا هذه الآثار التي ذكرها والآثار عن التابعين ليست بحجة وبناءً على ذلك لو قال إنسان هل الأفضل أن أبقى ليلة العيد في المسجد وهو معتكف أو أن أذهب إلى أهلي في تلك الليلة أستأنس بهم ويستأنسون بي؟ قلنا الثاني أفضل لأنه ليس هناك دليل على استحباب البقاء ليلة العيد.
وأما المسألة الثانية وهي أن يخرج في ثياب اعتكافه فهذا أبعد من الأول يعني القول باستحبابه أبعد من الأول لأن العيد يسن فيه بالتجمل وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يتجمل يوم العيد لأنه يوم فرح وسرور ثم إنه إذا خرج في ثوب اعتكافه ربما يكون في قلبه رياء يشير إليه الناس يقولون هذا فلان معتكف خرج بثيابه الرثة ثياب البذلة ولا شك أن ما يخشى منه أن يقع الإنسان في مفسدة فإن اجتنابه هو المصلحة والصواب أنه يخرج حتى ولو بقي في المسجد لو فرضنا أن الرجل غريب في البلد ليس له أحد وبقي في المسجد تلك الليلة نقول اخرج متجملاً ومن العجب أن بعض العلماء قاس هذه المسألة على دم الشهيد قال إن الشهيد يدفن بثيابه بدمه لأن هذا أثر عبادة فيبقى في قبره على ما مات عليه ولكن يقال أولاً لا قياس في مثل هذه الأمور لأن الشرع إذا فرق بين شيئين وجد السبب في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يقسه ولم يفعله فإنه يجب أن تفرد كل مسألة بحكمها ثم إن الشهيد قد توفي ولا حاجة أن نخلع ثيابه ثم نغسلها وبقاء دمه عليه أحسن أما المعتكف فهو حيٌ مأمورٌ بأن يتجمل كما يتجمل الناس ولوقلنا إن آثار العبادة ينبغي أن تبقى لقلنا إن المحرم أيضاً إذا حل التحلل الأول ينبغي أن تبقى ثياب الإحرام عليه حتى ينتهي الحج ولا قائل بذلك.
السائل: أحسن الله إليك طالب علمٍ اعتكف وافتتح بمدينةٍ أخرى معرض للكتاب وأراد أن يذهب ليشتري ولو لم يخرج يخاف أن يغلق المعرض قبل أن ينتهي اعتكافه فهل يبطل اعتكافه؟