الشيخ: هذه المسألة لا بد فيها من توضيح إذا نذر شهراً معيناً لزمه التتابع ضرورة أن الشهر المعين متتابع فإذا قال لله عليّ نذرٌ أن أعتكف شهر شعبان لزمه التتابع وجه ذلك ضرورة أن الشهر المعين متتابع وإن نذر ثلاثين يوماً لم يلزمه التتابع وإن نذر شهراً وأطلق ففي ذلك تفصيل على القول الراجح خلافاً لما يفيده كلام المؤلف إن نذر شهراً مطلقاً قال لله عليّ نذرٌ أن أعتكف شهراً، نقول هل نويت أنه متتابع؟ إن قال نعم فعلى نيته وإن قال لا فينظر أيضاً هل شرط التتابع أم لا؟ إن كان شرط لزمه التتابع وإن كان لم يشترط ولم ينو لم يلزمه التتابع؟ لأن الشهر يطلق على الشهر المعين الذي هو متتابع ويطلق على ثلاثين يوماً فلا يلزمه، وأما الشهر المطلق فالصحيح أن الشهر المطلق لا يلزم فيه التتابع وهذا هو المشهور من المذهب ومثله لو نذر صوم شهر إن عين الشهر لزمه التتابع وإن قال شهراً ونوى متتابعاً أو قيده بالتتابع لزمه التتابع وإن قال شهراً وأطلق لم يلزمه التتابع.

القارئ: وإن نذر اعتكاف يومٍ لزمه دخول معتكفه قبل طلوع الفجر، ويخرج منه بعد مغيب الشمس ليستوفي اليوم يقينا ولا يجوز تفريق ذلك في ساعات لأن اليوم اسمٌ للكامل المتتابع فإن قال لله عليّ أن أعتكف أيام هذا الشهر أو لياليه أو شهراً بالليل أو بالنهار لزمه ما نذر ولم يدخل فيه ما سواه لأنه إنما يلزمه بلفظه فيجب ما يتناوله اللفظ، وإن نذر اعتكافاً معيناً متتابعاً ففاته لزمه قضاؤه متتابعا لأن التتابع صفةٌ فيه فلم يجز الإخلال بها في القضاء وإن لم يقل متتابعا ففيه وجهان أحدهما يلزمه التتابع لأن الأداء متتابعٌ فأشبه ما لو تلفظ بالتتابع والثاني لا يلزمه لأن التتابع في الأداء حصل ضرورة التعيين لا من نذره فلم يجب في القضاء كقضاء رمضان فإن لم يكن التتابع واجباً في الأداء لم يجب في القضاء بطريق الأولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015