الشيخ: يقول يستحب تحري ليلة القدر يتحراها من أجل أن يقوم فيها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فتختص ليلة القدر من العبادات بالقيام وأما ما يفعله بعض الناس الآن في مكة أو قريباً من مكة أو بعيداً منها يتحرونها بأداء العمرة فيها فهذا بدعة يكون الإنسان إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة إذا تقصد تعيين هذه الليلة لأن أي إنسان يتعبد لله تعالى بعبادة يضعها في وقت لم يضعها الشرع فيه فهو مبتدع بصفة العبادة وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يحثنا على شئٍ في ليلة القدر إلا على القيام فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع لأمته شيئاً يقربهم إلى الله إلا دلهم عليه ولو كان غيرها من الأعمال الصالحة يشرع فيها لبينه الرسول عليه الصلاة والسلام (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) ثم إن هذه الليلة سميت ليلة القدر إما لشرفها وهي شريفة لا شك وإما لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة لقول الله تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4) أي يفصل ويبين كل أمرٍ من أمر الله عز وجل وشؤونه سبحانه وتعالى في عباده (حَكِيمٍ) مبنيٍ على الحكمة فهل يمكن أن نقول إنها سميت ليلة القدر للوجهين جميعاً؟ نعم نقول سميت ليلة القدر لشرفها وعلو قدرها وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة وهي كما قال المؤلف في رمضان قطعاً ودليل ذلك قول الله في القرآن الكريم (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) و (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فيؤخذ من مجموع الدليلين أنها في رمضان قطعاً وهذا يسميه العلماء الاستدلال المركب يعني أن الحكم يؤخذ من دليلين مركبين ونظير ذلك قول العلماء رحمهم الله أقل مدة الحمل التي يعيش فيها بعد وضعه ستة أشهر إستدلالاً بقوله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015