الشيخ: من شرع في صوم تطوع فهل له أن يفطر بلا عذر أو لا يجوز إلا بعذر؟ من العلماء من قال إنه لا يجوز إلا بعذر قياساً على الحج والعمرة لأن الله تعالى قال (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وهذا الأمر قبل أن ينزل فرض الحج لأنه كان في غزوة الحديبية في السنة السادسة من الهجرة ووجوب الحج إنما كان في التاسعة أو العاشرة فمن العلماء من قال كل عبادة ولو تطوعاً شرع فيها فإنه لا يجوز الخروج منها إلا بعذر والصواب أنه يجوز الخروج من صوم التطوع بلا عذر لكن يكره إلا لغرضٍ صحيح وقلنا يكره لأن الله تعالى قال (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) ولأن فيه عزوفاً عن إتمام العبادة وهروباً من إتمامها فلا ينبغي للإنسان أن يخرج حتى من النفل إلا لسببٍ شرعي ولغرضٍ صحيح وأما حديث عائشة فلعل النبي صلى الله عليه وسلم كان مشتهياً للطعام ويريد أن يعطي نفسه حظها ولهذا قال لقد كنت أصبحت صائماً صياماً شرعياً ولكن لننظر هل القياس على الحج والعمرة صحيح؟ فإن قلنا إنه صحيح وقلنا يجب على من شرع في تطوعٍ أن يتمه وأجاب عن الحديث بأن معنى قوله (فلقد أصبحت صائماً) أي صوماً لغوياً والصوم اللغوي بمعنى الإمساك مطلقاً سواء كان عبادة أو غير عبادة، الجواب أننا لا نسلم ذلك أما الحج والعمرة فإن ما اختص بلزوم الإتمام في النفل لأنهما يشبهان الجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله إذا شرع فيه لا يجوز له العدول عنه يلزم الإتمام ويدل لهذا أن الله تعالى ذكر هذه الآية بعد قوله (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وهذا إشارةٌ إلى أن الحج والعمرة من الجهاد في سبيل الله ويؤيد ذلك ويرشحه حديث عائشة رضي الله عنها قالت (يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال عليهن جهادٌ لا قتال فيه الحج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015