التعليلية لبيان الحكمة من إيجاب الصيام علينا وهي تقوى الله عز وجل ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) أتى بهذه الصيغة تقليلاً لها لتهون على النفوس فإنها ليست سنين ولا أشهراً ولا أسابيع بل هي أياماً ثم هي معدودات يدركها العد ويحصيها العاد (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) هذا تخفيف آخر فالمريض الذي يشق عليه الصوم والمسافر عليهما عدة من أيام أخر (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أي يستطيعونه فدية طعام مسكين (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذكر أن على المطيقين فدية وهي إطعام مسكين ثم بين أن الحكم هو مخير فيه (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) أي تطوع بالفدية (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وأن تصوموا خير لكم من الفدية، وهنا يحسن الوقوف (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ويحسن الوقوف أيضاً في كل موضع كان شبه هذا الموضع وقوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إن كنتم من ذوي العلم فافهموا هذا واعلموه وإنما قلنا يحسن الوقوف لأنك لو وصلت وقلت (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) صارت الخيرية مشروطة بعلمنا وليس الامر كذلك ثم بين الله تعالى هذه الأيام المعدودات بأنها شهر فقال (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وسُمي رمضان لأن تسميته كانت في وقت الحر الشديد والرمضاء فوضعه العرب لمناسبة زمنه وسَمَّوه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وكأن هذا والله أعلم بيان للحكمة من تخصيص الصوم بشهر رمضان أنه الشهر الذي