بالقول بخلق القرآن، وفي الحسن والقبح، والصلاح والاصلاح، وفي القضاء والقدر، وارادة الانسان، وأمثالها. ووجه الحق في هذه المسائل، هو رفض البحث فيها، والجدال عليها، وهي (اذا استعرنا لغة المحاكم) دعوى مردودة شكلا.
أولا: لأن السلف وهم أفضل المسلمين، وخيار هذه الأمة، من الصحابة والتابعين الكبار ما عرفوها، ولا بحثوا فيها. وكان دينهم أسلم، وايمانهم أصح، وهم قدوتنا في ديننا.
ثانيا: لأن من يدقق في أقوال الفرق المختلفة، يجدها كلها مبنية على أساس واحد، هو قياس الخالق على المخلوقين، وتطبيق منطق العقل البشري، وأحوال النفس الانسانية علىالله. وذلك باطل، لأن الخالق لا يشبه بالمخلوق، ولأن الله ليس كمثله شيء.
ثالثا: لأن هذه الأمور كلها، مما وراء المادة، أي من عالم الغيب، وقد تقدم في القاعدة الخامسة من قواعد الايمان، ان العقل قاصر حكمه على عالم المادة، لا يستطيع أن يحكم على ما وراء المادة، ولا يستطيع أن يدركه.
مظاهر العبادة
وأنا أدعو إلى شيء جديد، شيء هو أقرب إلى الحق، وأنفع لنا، هو أن ننقل الموضوع من جدال في صفات الله، إلى سلوك في الحياة يوصل إلى رضاه، فبدلا من أن نبحث (بحثا غير منتج) في القرآن هل هو مخلوق، أم غير مخلوق، نقول، ان القرآن أنزله الله لنعمل به، فلنعمل به، ولنأتمر بأمره، ولنقف عند نهيه. وبدلا من البحث في علم الله، وهل هو بذاته أم بصفة زائدة على الذات، نقول: اذا كان الله يعلم عنا كل شيء من سرنا وجهرنا، وانفرادنا واجتماعنا. فيجب أن نسلك في الحياة سلوكا موافقا لشرع ربنا، حتى يعلم عنا ما يرضيه علينا.