وانظروا إلى هؤلاء الملحدين الماديين، عندما يأتيهم الموت هل تظنون ان (ماركس) أو (لينين) لما أيقن بالموت، دعا (وسائل الانتاج) التي يؤلهها، أم دعا الله؟ ثقوا أنهما لم يموتا حتى دعوا الله، ولكن حين لا ينفع الدعاء. و (فرعون) تكبر وتجبر، وقال، أنا ربكم الأعلى، فلما أدركه الغرق، قال: "آمنت بالذي آمنت به بنوا اسرائيل .. ".
وفي عاطفة الحب التي يحس بها المحبون دليل على ان الإيمان فطرة في النفوس، الحب صورة مصغرة للإيمان، ونوع من أنواع العبادة. والفرنسيون لما غلب عليهم ترك الدين، استعملوا كلمة (العبادة) في الحب (?). وقلدهم في ذلك بعض المتفرنجين منا، فصاروا يقولون في قصصهم: (يحبها ويعبدها) و (احبها حتى العبادة) وما ذلك الا لأن العبادة هي المظهر الفطري للاعتقاد بالاله، ولأن في الحب شبها من الايمان.
المحب يطيع محبوبه، وينفذ كل رغبة له، وكذلك يكون المؤمن مع الله. والمحب لا يبالي أن يسخط عليه الناس كلهم ان رضي المحبوب، وكذلك يكون المؤمن مع الله. والمحب يخاف المحبوب، ويخشى غضبه، ويرضى بكل ما يكون منه وكذلك يكون المؤمن مع الله. فالحب (أي العشق) دليل على ان الايمان فطرة في النفوس.
قواعد العقائد
وليس معنى هذا أن حب الله، من جنس حب المعشوق، لا. فالعاشق يطيع معشوقه ويخشاه، ويرضى بكل ما يجيء منه، ويؤثر رضاه على رضى الناس، للذته به، فهو يحب فيه نفسه، ولو أن (ليلى) أصابها الجذام فشوه وجهها، وأكل أنفها وعينها لما دنا منها (قيس) ولما مال عليها، بل لفر منها، ونأى عنها، هذا هو فرق ما بين حب المخلوق وحب الخالق.