النظافة في وضعه مع أصحابه اذ يعلمهم ويعمل معهم، ويعيش مثلما يعيشون، ويستشيرهم ويسمع منهم، ويجلس حيث يجد المكان الفارغ في آخر المجلس حتى كأن القادم عليه ليراه، ينظر في وجوه القوم فيقول: "أيكم محمد؟ "

لأن محمداً لم يكن يمتاز عليهم في جلوسه، ولا في ثيابه، كان مثلهم في كل شيء. في سلوكه المهذب العفيف مع النساء، وفي سيرته في بيته ومع أهله، ومزحه الصادق، وانطلاق نفسه. وأنه كان محببا إلى كل قلب، في تواضعه ورفضه أن يعد ملكا.

ونهى أصحابه عن القيام له، وأنه كان يقوم بحاجة أهله، ويخصف بيده نعله.

وأنه عاش حياة الفقر زهداً في الغنى لا عجزاً عنه، ولو شاء لكان قصره أفخم من ايوان كسرى ودارة قيصر. ولكنه اختار الآخرة فكانت دور نسائه جميعا، نسائه التسع، لا يتجاوز طولها كلها (?) خمسة وعشرين متراً.

وكان منزل عائشة غرفة واحدة مبنية من اللبن والطين، وكانت من الضيق بحيث انها لم تكن تتسع لنومها وصلاته، فكان اذا سجد دفع رجلها ليسجد في مكانها، أما طعامه فقد حدثت عائشة أنه كان يمر الشهر والشهران، ولا يوقد في بيت رسول الله نار ليخبز عليها الخبز. قالوا: "فماذا كنتم تأكلون؟ ".

قالت "التمر والماء" هذا هو طعام أسرة رسول الله.

وفي بيانه وفصاحته، أنه كان أبلغ من نطق وأبان ...

كل ذلك فيه الاعجاز، وفيه الدليل على ان الله ما اختاره لأسمى الرسالات، وما جعله خاتم الأنبياء، حتى أعده لذلك اعداداً جعله واحداً في بني آدم، ليس له في شمائله نظير صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم حيث يجعل رسالته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015