يفهم منه بادى الرأي (?)، ان الهدى والضلال أمر مقدر، قدره الله على العباد، فجعل هؤلاء ضالين، وهؤلاء مهتدين. ولكن اذا انتبه إلى قوله تعالى: {هدىً للمتقين}. وقوله: {وما يضل به الا الفاسقين}.

علم ان الهدى والضلال ليس الزاما من الله، ولكنه تبع لحالة المرء، فان كان متقيا، كان القرآن هدى له، وان كان فاسقا، كان له ضلالا. وتبقى مع ذلك الشبهة قائمة، فيقول القائل: وما يدريني اذا كان الله قد جعلني مع المتقين أو جعلني مع الفاسقين؟ فاذا انتبه إلى قوله تعالى: {للمتقين الذي يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ... }.

وقوله: {إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض}.

علم ان المسألة ليس فيها اجبار، وان مردها إلى صفات وأعمال داخلة في نطاق حرية الانسان وطاقته.

فأنت تستطيع أن تؤمن بالغيب وتقيم الصلاة، وتنفق في سبيل الله، وتستطيع أن تنقض العهد وتقطع الموصول، وتفسد في الأرض. أمور في طاقتك عملها، وفي امكانك تركها، فان عملت الثلاث الأولى، كنت بذلك من المتقين، فاستحققت الهداية، وان عملت الثلاث الأخرى، كنت بذلك من الفاسقين، فاستحققت الضلال.

الإيمان بالقدر

بحث عقيم

وهنا يرد قولهم: هل عملت السوء بمشيئة الله أم لا؟ وهل كنت أستطيع الا أعمله؟ وهل خلقت أنا عملي؟ وأمثال هذه الأمور التي ملأ بحثها كتب علم الكلام. وذلك كله بحث عقيم، لأن الخالق لا يقاس على المخلوقين، والعقل لا يحكم على الله وصفاته.

والله لا يسأل عما يفعل، وانما يسألنا عن أفعالنا، والله عادل لا شك في عدله. وخير لنا أن ننظر إلى أنفسنا، وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015