النار. يرون منه الجنة ويأملون في دخولها، ويخاطبون أهلها، ويرون النار ويعوذون بالله منها ويكلمون أصحابها، وبينهما (أي بين أهل الجنة وأهل النار) حجاب.
{وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلامٌ عليكم لم يدخلوها (أي أهل الأعراف) وهم يطمعون (في دخولها) وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا (أي قال أهل الأعراف) ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ... }.
ورأوا في جهنم ناسا يعرفونهم، كانوا في الأرض من الجبارين. يعتزون بجموعهم وأتباعهم، وجماهير العامة التي تؤيدهم، فيتكبرون بذلك ويطغون، فنادوهم وقالوا لهم: {ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون؟! ... }.
وسيرون يومئذ، انه ما أغنى عنهم شيئا، ولا خفف عنهم من عذابهم كثيرا ولا قليلا، وانهم قد خلفوه كله وراءهم، وتركوه خلف ظهورهم، انه لا ينزل مع الميت اذا مات صديق، ولا (رفيق)، ولا حليف ولا اليف، ولا جند ولا أعوان. كلهم يتركه وينصرف عنه، فينزل القبر وحده، ويبعث من القبر وحده، ويقف للحساب وحده. هذه حقيقة مشاهدة في الدنيا، ولكن عميت الأبصار عن رؤيتها، وعميت البصائر عن إدراكها. فيا رب افتح أبصارنا حتى نرى الحقائق الدالة عليك، ونور بصائرنا حتى نبصر الطريق الموصل إليك، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وارزقنا رضاك والجنة، وأعذنا من غضبك والنار، يا عفو يا غفار.