أنفسهم ولو كان بهم خصاصة لوقوفهم موقف الرئاسة والإمامة وعلمهم بأن الذين لهم أرزاق متأخرة في الرزنامة هم ما بين يتيم وأيم وزمن ومقعد وغيرهم ممن لا يستطيعون حراكًا لإصابة الرزق من غير هذا الباب"1.

في مثل هذا الأسلوب القوي عالجت الصحافة المصرية شئون مصر متخطية جميع الصعاب الرسمية من إنذار وتعطيل مؤقت، فتحدثت عن مساوئ البطانة الخيديوية والوزارة النوبارية معًا، وهاجمت الأجانب ووزيريهما وشجعت مجلس النواب وأتاحت له فرصة الظهور ومدت رجاله بالرأي السديد الموفق وناقشت أموره الفقهية كواجب انتخاب رئيسه لا تعيينه وحقه في فرض الضرائب والمسئولية الوزارية2 كما بحثت في وجوب فرض الضرائب على الأجانب وخاصة الوزيرين اللذين يتقاضيان ستة آلاف جنيه في السنة من شعب يتشدقون بإفلاسه، غير فصولها الأخرى في المسائل المالية الدقيقة كالدين الموحد والثقة المالية والنقد.

ومهما يكن قضاء المؤرخين في الوزارة النوبارية التي ضمت وزيرين أجنبيين فإنها صاحبة فضل على الصحافة وهو فضل غير مباشر، قد تولى نوبار النظارة طبقًا لمرسوم 28 أغسطس سنة 1878 وهي أول وزارة في تاريخ مصر الحديث تحملت المسئولية الوزارية، والمسئولية الوزارية تستوجب الحذر أحيانًا وتفرض سعة الصدر فتعامل الصحافة "بالرفق والتلطيف وحسن البيان" كما تقول جريدة التجارة وخاصة أن الوزارات ضمت ناظرين أجنبيين وهي صدمة وطنية أحس أثرها العامة والخاصة على السواء، فقد كان المعروف أن الوزارة برمتها جاءت لتفض الأزمة المالية يعني جاءت لتحمي مصالح الأجانب وترد إليهم أموالهم بشتى الطرق.

ولم يقف سلطان الوزيرين عند هذا الحد بل تدخلا في شئون الدولة جميعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015