فتفست عما في صدرها ونشرت مساوئ الحكم قبل سنة 1878 ولم تتحرج كما رأينا من مسالمة الحكومة المشتركة وتحيتها، واستطاعت أن تقول ما حالت دون قوله السلطة المطلقة فيما مضى ثم قلدت الهيئات المختلفة الصحافة في الشكوى وإذاعة الفضائح بالمذكرات والمنشورات وأهمها مذكرة التجار الأجانب في الإسكندرية التي أرسلوها إلى قناصل الدول ناعتين العهد السابق في تصرفاته المالية بأقبح الأوصاف1.

كادت ظاهرة الإعجاب بالحكم الجديد تستغرق صفحات الأهرام والوطن وغيرهما من الصحف المعاصرة التي لم تبلغ قدرهما من الذيوع والانتشار، غير أن هذه الصحف رأت بعض المآخذ في الوزارة النوبارية فبدأت تلفت إليها النظر في هدوء، فذكرت الوطن ما يجري على ألسنة الناس من أن المستر ولسن سيعين موظفين إنجليزيين وسيقتدي به "دوبلنيار الفرنساوي" وأن ذلك سيحرم أبناء الوطن المتعلمين حقًّا إجازة لهم تعليمهم وثقافتهم2 ثم تشتد بعض الشيء فترى جريدة التجارة أن حرمان المصريين حقهم في الوظائف بربرية أوربية لا يجوز السكوت عليها؛ لأن القوم "نازعونا الأرض المحبولة بدم آبائنا" وأصبحوا أمراء في بلادنا وهي إمارة "الأجير وملكية المستعير وتأصيل الدخيل ولا لوم عليهم في ذلك ولا تثريب، فإن من لا يصون ماله يعلم الناس سرقته" ثم تهاجم الصحف الفرنجية "المطبوعة تحت سمائنا"؛ لأنها لامت الوزير الفرنسي حين استخدم المصريين في المسائل الهندسية، وتذكر لها أن عهد الاستبداد وتقييد حركة الكتابة قد انتهى، وأن الآراء الحرة والفكرة الناضجة ليست وقفًا على الفرنجة دون المصريين.

وقد ظنت الحكومة الجديدة أن تنفيس الصحف عن نفسها بذكر مساوئ العهد السابق وملاحظة شئون التوظف في المصالح المصرية ورمي ولسن بالجهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015