في وقف تدخل الأجانب تدخلًا مباشرًا في شئون مصر الداخلية بل ساعد ذلك على هذا التدخل حتى أصبحت حياة مصر المالية تحت رقابة مشتركة من الإنجليز والفرنسيين، ثم تراءى لهؤلاء أن يؤلفوا لجنة للتحقيق في 27 يناير سنة 1878، وكان من أظهر رجالها ريفرز ولسن Rivers Wilson أحد الوكيلين1 وينتهي أمر هذه الأزمات المالية المتلاحقة بإنشاء مجلس النظار لأول مرة في تاريخ مصر، وتحققت بذلك فكرة المسئولية الوزارية في الحكومة المصرية، بيد أن هذه اللفتة يشوبها وجود وزيرين أجنبيين في مجلس النظار أحدهما إنجليزي للمالية والثاني فرنسي للأشغال2.
كانت هذه التطورات في حياة مصر الداخلية امتحانًا لصحافتها ومحكًّا لنضجها وكفايتها، فقد استفتحت الوزارة المختلطة أعمالها الأولى بإخطار رسمي لجميع الصحف التي "تتضمن الاعتراض بحالة خارجة عن حدود وظائفهم على مسلك الهيئة الحاضرة"3 ولم يكن قد بدا بعد من الصحف اعتراض على الهيئة الحاضرة بل إن "الوطن" وهي صحيفة حرة في ذلك الوقت، استقبلت الحكومة النوبارية استقبالًا حسنًا وأثنت على رجالها ثناءً طيبًا على اعتبار أنها وزارة مسئولة لا تظلم ولا تقضي بغير ما يوحي به القانون وخاصة المسائل التي تتصل بالمال وجباية الضرائب4.
وقد انتهزت الصحف تعيين الوزارة الجديدة فأخذت تشرح مساوئ العهد القديم في تقريره "ضرائب غير مقررة ولا جائزة ولا مبررة" وتذكر موظفيه الذين أثروا من فقر الفلاح ونهبه حتى "أصبحوا من أهل اليسار والثروة والعقار وصارت في حيازتهم أخصب الأطيان"، ثم تتجه إلى ولسن