تاريخ الصحافة الشعبية وتطورها، وقد ظهرت بجانبها بعض العوامل التي لا تقل عنها أهمية ومصدرها الحالة في مصر نفسها، فقد جهد الخديوي من ناحيته في تهيئة الأفكار بما جدد في حياة مصر الأدبية والمادية مما كان له أثره الواضح فيما بعد، وأنتجت محاولات الخديوي الإصلاحية نتيجتها المرتقبة، فإذا الناس متبرمون لم تغنهم إصلاحاته ولم تحتمل طبيعتهم الرضية مساوئ بطانته، فهو يعمل على إسعادهم في ناحية وتعمل بطانته على إفقارهم في ناحية أخرى، وأقرب الأمثلة ما ذكره قنصل الولايات المتحدة في تقرير له وهو يتحدث عن الإصلاحات التي أدخلها الخديو في مصر، ويعقب على ذلك بحديث عن الأرض وتوزيعها وكيف استولى البعض على أكثر من خمسها وكيف كان هذا الخمس يفوق الأخماس الأربعة الباقية من حيث الجودة ومن حيث عناية الحكومة بإروائها موقعها وتسخير الناس لخدمتها1.
والخديوي يستدين ويصبح دينه خطرًا على الكيان المصري في نهاية عام 1875 وأوائل عام 1876، إذ إن هذا الدين أجاز للدولة الأوربية حق التدخل في شئون مصر، ثم يشعر بالضيق المالي فتضيع أسهم قناة السويس في صفقة خاسرة، ويستقدم بعثة كيف الإنجليزية لتفحص مالية البلاد ثم تتوقف الحكومة عن أداء أقساط الديون، وقد لاحقتها الأزمة من جميع جوانبها الأمر الذي ترتب عليه إنشاء صندوق الدين2 وتدخل الأجانب في الشئون الداخلية.
لم يفد إنشاء صندوق الدين أو مشروع توحيد الديون في مايو عام "1876"3 أو إنشاء مجلس أعلى للمالية نصفه من الأجانب4 لم يفد كل هذا