ولم يفكر سعيد في دعم سياسته العامة بتجديد الوقائع والعمل على انتشارها كما فعل أبوه من قبله أو خلفه من بعده، وكذلك لم توح الساعة لفرد من الأفراد بأن يأخذ على عاتقه هذه المهمة، فبقيت الدوائر الرسمية والشعبية خلوًا من صحيفة قد تفيد في الدعاية أو تشير برأي فيما يصنع الوالي أو تبين مواضع الخطأ والصواب في سياسته، ولكن الحكومة التركية على جهلها بقيم الصحافة ومعاييرها لم تفوت الفرصة، فأرسلت إسكندر أفندي شلهوب إلى مصر فأصدر مجلة السلطنة " صلى الله عليه وسلمlsultana" وهي صحيفة أسبوعية كان الغرض من إصدارها باللغة العربية أن تلفت المصريين إلى واجباتهم نحو الباب العالي وماله عليهم من حقوق1، ثم تذيع من وقت لآخر الأخطاء التي تركبها الحكومة المصرية2 وهي أخبار في رأي الدولة تبين للمصريين أنهم منساقون إلى أمور خطيرة، كما أن من غايات هذه المجلة أن تنال من هيبة الأسرة العلوية في أسلوب ملتو لا يسيء إساءة علنية.
هذه هي الصحيفة التي يعتبرها البعض الصحيفة الشعبية الأولى التي تشهدها البلاد، وعندي أنها صحيفة شبه رسميه كواد النيل وإن لم تنسب للحكومة المصرية، غير أن بما أكده المعاصرون في كتبهم كانت صحيفة شبه رسمية لحكومة السلطان التركي، ومن حق مصدرها أن ينشرها في أي بلد من بلاد السلطنة ما دام ينتسب بالرعوية إلى السلطان كما تفيد اللوائح والقوانين السارية في الدولة العلية وممتلكاتها إذ ذاك، ولكنها ليست صحيفة مصرية لا من كتابها ولا في اتجاهها وأغراضها، ومهما يكن أمر هذه الصحيفة فقد أخفقت ولم تبلغ القصد الذي أرادته، إذ إن الناس في ذلك الوقت لم يكونوا على قدر من التعليم يسمح لها بالبقاء أو الرواج، فلم يعد لشلهوب ولا لجريدته أي أثر في تفكيرهم فاحتجبت بعد بضعة أعداد3.