ثم أغلق المصانع والمعامل وهي نتيجة لحاكم لا يؤمن بأثر التعليم، وأفسد عامدًا خير ما صنعه جده لوحدة البلاد، فشابَ مصرية الجيش بلون من الجنود الأرناءود وهم فئة عابثة حاول جده مدة سنوات حكمه التخلص منها والقضاء عليها1.

هذه العقلية التي أشرنا إلى بعض تصرفاتها في إنجاز لم تحتمل بالطبع أية صحافة مهما يكن لونها، وآية ذلك أن الجريدة التجارية الزراعية اختفت فجأة ولم يعد لها ذكر لا في الوقائع المصرية ولا في الوثائق المختلفة، والوقائع نفسها لقيت من الضيق في عهد عباس الأول ما حجبها عن القراء معظم أيام حكمه.

وتدلنا إحدى الوثائق على مدى فهمه لوظيفة الصحيفة الرسمية فهو يأمر بأن يقتصر توزيع الوقائع على "الحائزين على رتبة فريق ورتبة ميرميران ورتبة ميرلوا ورتبة ميرالاي فقط"2، ومعنى ذلك أن الستمائة نسخة التي كانت توزع على المشتركين من الموظفين والعلماء وتلاميذ المدارس وأعيان المصريين، قد انخفضت إلى بضع عشرات النسخ لعدد محدود من كبار ضباط جيشه، ومصدر هذا كله أن الوالي قد علم أن الجريدة ترسل "لجماعة أمية وسفلة مثل حسن أغا وكيل الخراج، وفيض الله أغا الطاهي، وموسى اليهودي الألاتي "المهرج" ثم يصور الأثر الذي تركته قراءة هؤلاء للوقائع في كتابه إلى مجلس الأحكام "فلما رأيت ذلك خجلت من نفسي ورأيت أن إرسال الجريدة إلى أمثال فيض الله أغا وحسن أغا من الأمية والجهلة الذين لا يعرفون معنى الجريدة ولا سيما موسى اليهودي الألاتي، فقد عددت إرسال الجريدة لهم ذلًا زائدًا"3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015