يستطيع الحاكم أن يجهز به على حياة الصحف في كل حين، ولن تعوزه حجة في دفع غاشية تتهدد النظام العام أو الآداب كلما تحركت به شهوة العنت والانتقام.
وقد سجلت أحكام محكمة الاستئناف المختلطة في هذه الفترة التي أعقبت إصدار قانون المطبوعات المصري مبادئ قانونية نبهت الحكومة إلى التخفيف من ضغط نصوص هذا القانون ونزعت بها إلى التقليل من استعمال ما أجازته لنفسها من حق التعطيل الإداري، ويعتبر هذا الدور الذي لعبه القضاء المختلط تتميمًا للتشريع ومصدرًا من مصادر القانون1، إذ إن القانون ليس مراسيم تصدر بل هو مجموعة من التشريع ثم من الأحكام العليا التي ترتبت عليه، يعود إليها القضاة كلما أعوزهم تفسير أو تعليل، وقد ترتب على ما ذكرنا أن أصدر ناظر الداخلية قرارًا بتاريخ 19 ديسمبر سنة "1881"2 فسر به بعض نصوص قانون 26 نوفمبر 1881، يعنينا منه أنه أعفى صاحب المطبعة من إخطار نظارة الداخلية بعزمه على طبع الجريدة أو الرسالة كلما كان معياد صدور هذه الجريدة أو الرسالة أقل من شهر اكتفاء بالترخيص للصحيفة أو الرسالة في هذه الحالة.
ثم أصدرت إدارة المطبوعات في 17 يناير سنة 1883 منشورًا قررت فيه جواز استبدال الضمان النقدي بكفالة شخصية في حالات معينة3 وهذا قرار يمثل تطورًا ذا أثر فعال في زيادة النشاط الصحفي؛ لأنه يعالج عقبة كبيرة في طريق الكثيرين ممن تتوافر فيها الكفاية ويعوزهم المال، وفي 13 نوفمبر 1883 صدر قانون العقوبات الأهلي وقد خص الشارع جرائم النشر بباب خاص هو الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني وحدد فيه عقوبات الصحفيين،