ويروي أرتين باشا أن محمد علي كان متأثرًا في أمره هذه بقوانين فرنسا المعمول بها في ذلك الوقت1 وعندي أن الباشا لم يرجع في ذلك إلى مرجع فإن الحادث من الوضوح والقرار من البساطة بحيث لا يدعو الأمر إلى استشهاد بقانون أجنبي أو نقل عن تشريع من التشريعات، وهو أول قانون للمطبوعات وآخر قانون لها في عهده وعهد خليفته إبراهيم وعباس.

هذا فيما يختص بنشر الكتاب، أما علاقة محمد علي بالصحف فكانت علاقة صاحب البيت ببيته، صدرت في عهده خمس صحف "جرنال الخديوي" في أول الأمر حوالي سنة 1822، ثم "الوقائع المصرية" في نهاية سنة 1828 ثم "الجريدة العسكرية" حوالي سنة 1833، وجريدة "لومنيتور إجبسيان" قرابة ذلك الوقت، ثم جريدة " Lo Spettatore صلى الله عليه وسلمgiziano" في سنة 1846، الصحف الثلاث الأولى صحف الدولة الرسمية، والصحيفة الفرنسية صحيفة شبه رسمية، أما الصحيفة الأخيرة فجريدة للإعلانات، وكانت "الجريدة العسكرية خاضعة لرقابة صاحب الدولة السر عسكر إبراهيم باشا وهي خاصة بالشئون العسكرية الخالصة، و"جرنال الخديوي" جريدة الوالي وحده بعد إنشاء الوقائع أما الجريدتان الأجنبيتان فكانتا أخبارهما كلها منقولة عن الوقائع، وإذن تكون "الوقائع المصرية" هي الجريدة الفذة التي شغلت من حياة الدولة جهدًا وإشرافًا اشترك فيها الموظفون ومنحت للعلماء وفرضت على التلاميذ في مصر وخارجها ووزعت في بلاد العرب والشام وكريت، فهي في حياة الدولة شيء خطير بعيد الأثر، وقد أشرف محمد علي بنفسه على "الوقائع" وإخراجها فكان يكلف موظفيه بكتابة المقالات ويوعز بنشر الأخبار ويراجع مسودات الجريدة قبل طبعها ويعاقب المسئولين إذا أساءوا اختيار الخبر أو المقال، وكانت أوامره ورقابته لها لونًا من ألوان التنظيم التي سبقت تشريع المطبوعات في عهد خلفائه2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015